خبرني العندليب

حجم المعرفة المكتسبة هو قدرة استخدامها في إدارة الواقع والتنبؤ بالمستقبل للمعرفة أبواب، فمنها ما يأتي من التجارب الشخصية، كأن يمر الإنسان بحادثة ما ويخرج منها باستنتاج معين، علماً بأن هذا الاستنتاج يبقى يخضع للصواب والخطأ نظراً لأنه من وجهة نظر فردية، وقد يمر الإنسان بنفس المعضلة عدة مرات ويصر على التعامل معها بنفس الطريقة علماً بأنه كان قد اختبر النتيجة غير المتوقعة سابقاً، وذلك ظناً منه أنه إن أعاد الكرة تغيرت النتيجة، ولكن دون جدوى، قد تكون هذه أحد أبواب المعرفة، أما الباب الآخر فهو المشاهدة وأعني بها الموروث الإنساني من المعرفة وهو تراكمات تجارب الجنس البشري ونتائجها التي تم الاتفاق على صحتها عرفاً أو كتابة أو قانونا أو تاريخا مسجلا، ويمكن ضم كافة أشكال المعرفة المكتسبة فيما سبق. الأمر المهم في حجم المعرفة المكتسبة هو قدرة استخدامها في إدارة الواقع والتنبؤ بالمستقبل ومن هنا يأتي مبدأ التخطيط بأشكاله وأنواعه وهذا ما يميز شخصا عن آخر عندما يضع تصورا أو قرأ لأحداث لاحقة مثل مستقبل شركة أو توجه سوق مالي أو أسعار البترول أو أسعار المعادن النفيسة أو مستوى الطلب على سلعة ما أو خدمة معينة في وقت لاحق، أو حتى عن سلوك شخص معين في موقف معين أو مستقبل فرد أو شركة. مما يحدث حقيقة أنه قد يأتي شخص ويفتي بمنتهى الثقة في إحدى القضايا سابقة الذكر دون حجم كافٍ من المعرفة التي سبق وعرفناها، وعندما تسأله عن سبب ثقته بالتوقع يجيب بأنه يعلم دون إبداء أي مصادر أو مبررات للعلم على قاعدة خبرني العندليب، والشاهد هنا من المقال أنه يمكن أن يتعرض الأشخاص أو الشركات أو حتى المستثمرين إلى الضرر الكبير على كل المستويات إذا كانت مرجعياتهم غير مدعمة بالمعرفة والتجربة، كما أن أبواب العلم والمعرفة باتت في متناول الجميع مع توفر التكنولوجيا الحديثة الأمر الذي يفرض على الجميع التزود بالمعرفة على قدر الاستطاعة. لكن هل يختفي مع هذا الطرح الفكر القائم على المشورة والنصح المتبادل بين الناس وهل يلغي مفهوم الديمقراطية الفكرية ذات التعددية الفكرية؟ والإجابة قطعا بالنفي ولكن الحل من خلال انتقائية الأفراد الذين نرجع لهم بالمشورة على أساس المعرفة والفكر والتوجه وإيانا والمتشائمين الذين ينشرون الأفكار السلبية أينما ذهبوا، فالبعد عنهم غنيمة والكسب منهم ضرر والتجارة معهم خسارة، وإلى أن نلتقي بين المسطور والمنظور هذه تحية.