هي لعبة أعصاب في المقام الأول، والأعصاب فيها هي المباراة وهي النتيجة.. ولأنها كذلك لم يعد في كرة القدم مجال للاستغراب أمام ردود الأفعال لو بدت غريبة.. فالغرابة صارت وجه الإثارة وقفاها وأبرز علاماتها.. * في كرة القدم نستشهد على الروح الرياضية وفيها نرى تلاشي الروح الرياضية نفسها، ليس في مواقف مشجعي الدرجة الثالثة وإنما في كل مكان ومن جميع عناصر اللعبة.. واسمحوا لي بذكر بعض الملامح من باب المثل وليس الرصد.. * يقول لك العاشق لنادٍ بائسٍ الحاضر، لكنه مبهر في الماضي: عفوا.. الماضي لا يموت، رغم أن ناديه لا يعمل شيئاً لليوم ولا للغد.. ثم يخوض في مهمة إزاحة العنكبوت عن كؤوس ودروع وميداليات وإحصائيات قديمة، ولا ينسى أن يقول لك: من ليس له ماض ليس له حاضر حتى لو كان الحاضر ناطقاً.. وهو نفسه من يقول عندما يكون الحال في صالحه: إحنا أولاد اليوم والتأريخ لا يقدم ولا يؤخر ولا ينتصر لك أمام معطيات الواقع، ثم يضيف شيئاً من بهاراته ليؤكد على سلامة منطقه بأن من ينبش في التأريخ محدود قدرات الفهم وبلا خيال، وأنه لا يفهم معنى أن النادي لا يكون موجوداً إذا لم يرَ الناس نتائجه اليوم.. والمسألة.. أنت غير موجود إذا لم يستطع أحد رؤيتك.. * وكلَّما كانت عندك رغبة في متابعة آراء وتعليقات مشجعين وقيادات وحتى إعلاميين على المنافسات ترى من الأمزجة المتقلبة ما يشيب له رأس الغراب.. عربيا استلفت نظري قول رئيس نادي الزمالك المصري المستشار مرتضى منصور وهو يعلق على خسارة الزمالك أمام شباب بلوزداد الجزائري في دوري أبطال إفريقيا "الجزائريون يستخدمون السحر..!". ولم أجد مفرّاً من العودة لاستعراض ملخص للمباراة وإحصائياتها الرقمية، استحواذا وتسديدات وأخطاء، حيث لم يكن هناك من التفوق للزمالك الذي أحبُّه ما يستحق الذكر.. وأن الفارق هو فقط في أن فريقا استغل اللحظة وخطف هدفا وهو ما لا يحتمل الحديث عن سحرة ولا أسحار.. * يسجل ميسي فينبري من يفرط في الحديث حول أن بعض أهدافه ضربات جزاء وأنه أشرف على النهاية رغم أنه كان نقطة القوة في منتخب الأرجنتين في المونديال الأخير.. وبالمقابل يستكثر آخرون الملايين التي دفعها النصر السعودي في كريستيانو رونالدو وبأنه لن يضيف شيئا ذا أهمية.. وعندما يسجل هذا اللاعب سوبر هاتريك ينبرون للتقليل من ذلك ليكون الضحية حارس نادي الوحدة السعودي ولسان حالهم: لولا أن عبد القدوس عطية حارس ضعيف ما عزز كريستيانو رصيده في سجل تفاصيل الألقاب.. وأخذوا يخوضون حتى في لِحية هذا الحارس وتسريحة شعره.. وهنا يكون للكرة المصنوعة من الجلد شظايا من نيران لا ترحم.. * في ذات الانتقاص ولعبة المقارنات لا يجد آخرون من طريقة لخلط الأوراق حول سؤال أيهما كان رافعة للآخر ميسي أم ناديه القديم حتى أنه تم توظيف تصريح شقيقه ماتياس ميسي وهو يقول "لم يكن أحد يعلم من هو برشلونة قبل مجيء ليو ميسي، كان هناك فقط ريال مدريد" وهو توظيف يقصد به الإساءة إلى العلاقة بين ميسي وبرشلونه رغم أن هذا الكلام لم يأتِ على لسان ميسي كإرث مشرق في تاريخ الفريق الكتالوني.. * أما آخر ما قرأته وذكَّرني بحكاية السؤال القديم الحائر حول أقدمية الدجاجة أم البيضة فهو التساؤل غير البريء.. من هو ميسي بدون دي ماريا في منتخب الأرجنتين، وهو استفهام يُغفل معنى أن ميسي يبقى هو من يصنع الفارق، وأن هناك ما يبرر عنوان نقطة وفاصلة: * فضلاً.. لا تبخسوا الناس إبداعهم..!