سيناريوهات 2018

على الرغم من تصويت البريطانيين لخروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي، وانتخاب الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» وإلغائه للعديد من اتفاقيات بلاده التجارية والاقتصادية والمناخية مع العديد من دول العالم، ورفعه لشعار «أمريكا أولاً»، بالإضافة إلى تنامي حالة عدم اليقين والفوضى الجيوسياسية في الكثير من مناطق العالم، إلا أن الاقتصاد العالمي وخاصة الاقتصادات الأربعة الكبرى قد نمت بمعدلات متزايدة اعتباراً من صيف عام 2016 واستمرت طوال عام 2017، مما أثار العديد من التساؤلات حول شكل الوضع الاقتصادي في عام 2018 وهل سيستمر الانتعاش الاقتصادي خلال هذا العام أم يمكن الوقوع من جديد في فخ التباطؤ، وإن كان الكثير من الخبراء والمحللين يجمعون على أن الوضع الاقتصادي العالمي في 2018 لن يخرج عن أحد السيناريوهات الثلاثة التالية: السيناريو الأول «الصعود».. والذي يفترض قيام الاقتصادات الكبرى بتنفيذ مجموعة من الإصلاحات الهيكلية التي ستعمل على معالجة مواطن الضعف المالي ومن ثم تعزيز النمو، وتعمل كذلك على زيادة إجمالي الناتج المحلي، بما يحقق الاستقرار المالي «النسبي» لسنوات قادمة، وكذا نمو أسواق المال والبورصات وأسواق المال العالمية بمعدلات كبيرة مرتكزة في ذلك على أصول حقيقية قوية. السيناريو الثاني «الهبوط».. وهو عكس السيناريو الأول، حيث يرى فشل الاقتصادات الكبرى في تنفيذ إصلاحات هيكلية كافية لضمان تعزيز النمو، وأنه مع استمرار سياسات «ترامب» الحمائية التجارية في الولايات المتحدة الأمريكية، واستمرار القيود المفروضة على الهجرة فسوف تؤدي إلى خفض النمو المحتمل بالبلاد، كما ستؤدي سياسة التحفيز المالي إلى المزيد من العجز والمديونية، وستؤدي زيادة أسعار الفائدة إلى زيادة قوة الدولار بما سيتسبب في زيادة ضعف النمو. ويرى مؤيدو هذا السيناريو أن منطقة اليورو سوف تفشل في تحقيق المزيد من التكامل، وأن القيود السياسية سوف تحد من قدرة صناع السياسات الوطنية على تنفيذ الإصلاحات الهيكلية المطلوبة لتعزيز النمو... كما يرون أن اليابان سوف تحافظ على معدل نموها المنخفض في ظل ضعف الإصلاحات المرتبطة بتحرير التجار.. بما يفيد «وفقاً لهذا السيناريو» بأن غياب الإصلاحات في الاقتصادات الرئيسية سوف يؤدي إلى انخفاض النمو الدوري، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى إحداث حالة من التباطؤ الاقتصادي وحدوث أزمات مالية وركود مع انفجار فقاعة الأصول. السيناريو الثالث «الوسط»... وهو المرجح لدى الكثير من الاقتصاديين لوقوعه في نقطة وسطى بين السيناريوهين السابقين، حيث يفترض مناصروه استمرار ارتفاع النمو في الاقتصادات العالمية الكبرى لفترة من الزمن بفضل قوة الدفع الصعودية، مع سعي هذه الاقتصادات إلى إجراء عدد من الإصلاحات الهيكلية بهدف تحسين النمو، إلا أن هذه الجهود ستكون أبطأ وأضعف من المطلوب، ففي الولايات المتحدة الأمريكية ستستمر رئاسة «ترامب» المتقلبة في حماية مصالح الأغنياء وسيضرب الركود الطبقة المتوسطة ومن ثم ستنخفض معدلات الاستهلاك والنمو ويتباطأ الاقتصاد، كما لن يحقق هذا السيناريو لمنطقة اليورو سوى بعض التقدم الشكلي، ولن تنجح الحكومة اليابانية في تنفيذ الحد الأدنى من الإصلاحات الكفيلة بزيادة النمو المحتمل عن 1%، بما يعني أن العالم قد يواجه خلال السنوات القادمة المزيد من التراجعات والمخاطر.