عصر النفط الرخيص

يتوقع أن تضيف أربع دول هي كندا، النرويج، غيانا والبرازيل حوالي المليون برميل يوميا الى حجم الامدادات العالمية العام المقبل ومثلها في العام 2021، الامر الذي ستكون له انعكاساته على معدلات العرض والطلب ووضع الاسعار وجهود أوبك وحلفائها في خفض الانتاج وأهم من ذلك التبعات الجيوستراتيجية المرتبطة بسلعة النفط الحيوية. أهم عامل في هذا التطور الجانب الفجائي فيه مثلما فاجأت تقنية التكسير الهيدرولوجي الصناعة وأسهمت في زيادة الانتاج النفطي الامريكي، فإن الاضافات من هذه الدول تحمل عنصر المفاجأة. فغيانا لم تعرف من قبل كدولة منتجة للنفط، وكل من كندا والنرويج من أكثر الدول حماسا لاتفاقية باريس للتغير المناخي، بينما الشكوك التي كانت تحيط بمجال التنقيب في المياه العميقة البرازيلية قد تم تجاوزها، على ان هذا يعيد تأكيد الحقيقة البسيطة في الصناعة النفطية ان القرارات تتخذ في توقيت وبيئة مختلفة عن تلك التي يتم فيها الانتاج. الملاحظة الثانية ان هذا الانتاج يتدفق من دول مستقرة سياسيا نسبيا، الامر الذي يرشح الامدادات منها للاستمرار والزيادة، الامر الذي سيشكل عامل ضغط ومعاناة اضافية على أوبك وحلفائها مثلما عانوا من تصاعد انتاج النفط الصخري الامريكي. وهذا التصاعد في الانتاج النفطي الامريكي مرشح لمزيد من التأثير مع دخول مجموعة من خطوط الانابيب دائرة العمل العام المقبل في تكساس مما يرفع طاقتها التصديرية من 2.8 مليون برميل يوميا الى 3.3 مليون. وفي الوقت الذي لا يشير فيه الطلب الى تحسن ملحوظ رغم غياب جزء كبير من الانتاجين الايراني والفنزويلي والى حد ما الليبي عن الاسواق، الا ان الاسعار لا تزال تعيش مرحلة ضعف مرشحة للاستمرار بصورة اكبر وربما مزيد من التدهور خاصة مع اضمحلال فرص النمو الاقتصادي واتساع المناخات الحمائية بين الدول. ثم هناك عامل التغير المناخي وازدياد الحملة المناوئة للوقود الاحفوري واكتسابها بعدا شعبيا وصل الى درجة الطلب الى الشركات الكبرى تخفيض ما تقوم به من عمليات لتقليص عمليات الانبعاث الحراري، الامر الذي يتطلب خفض العمليات الانتاجية بأرقام محددة. وبدأت بعض المنظمات في وضع معدلات انتاجية خاصة بكل شركة والقيام بحملات ضغط عامة تستهدف الشركات لارغامها على التقيد بهذه الاهداف. فقد تم وضع هدف تقليص الانبعاثات الحرارية بنحو 35 في المائة حتى العام 2040 وعليه فسيكون على شركة مثل أكسون/موبيل تقليل انبعاثاتها السنوية من 600 مليون طن سنويا في الوقت الحالي الى 450 مليونا في غضون عقدين من الزمان وهكذا. وكل هذا يصب في نهاية الامر في اتجاه رسم ملامح مرحلة تتميز بأسعار النفط المنخفضة، مما يضع أوبك وحلفاءها بل وكل الصناعة النفطية أمام تحد جديد من ناحيتي تدفق الامدادات الجديدة والتغير المناخي ولا يبدو واضحا كيفية التعامل معه.