"أيها المارون بين الكلمات العابرة احملوا أسماءكم وانصرفوا" أيا ما كان يقصد محمود درويش في تلك الكلمات، فإنني أعيدها في وجه كل الباحثين عن الفتن بين الاسماء، لما عرفوا وأيقنوا ان العصر الحديث والمنهج السليم والطريق الوحيد للانخراط في مسيرة التنمية هو العمل، وان العمل يحتاج الى علم والعلم يحتاج الى اجتهاد ومثابرة وصبر، عندها من ادرك انه دون ان يحقق ذاك او لم يرد ان يتعب نفسه على طريق المعرفة أتى وأتوا فرادًا ومجتمعين بين الكلمات العابرة يحملون فقط أسماءهم لا يستحون ان يطلبوا بها ما ليس لهم بحق، لهم نعيد الكلام ونقول احملوا أسماءكم وانصرفوا، او كما قال رسولنا الكريم عمن ساءه فحش قوله وأتاه باسم عشيرته في الحديث الشريف (بئس اخو العشيرة وبئس ابن العشيرة) والذي رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
اننا لا ننكر على أنفسنا ولا على احد اعتزازه بنسبه وقوميته ولكن ننكر كل الإنكار ان تتخذ العشيرة والنسب اداة للتمييز في الاداء والكفاءة او مرتكزا للتوظيف ومنح السلطة او ستارا لارتكاب الأخطاء والتستر عليها، عليه وبالشمول فان الضرر من ذلك سيصيب الجميع، فإذا كنّا في سفينة كبيرة وفيها من الاعمال الكثير من متابعة المحركات الى توجيه السفينة الى صيانة الهيكل الى غيرها من المهام وتم إيكال المهام على حسب المعرفة وليس على حسب الخبرة والكفاءة، عندها ستتعطل السفينه ولن تصل الى وجهتها وسيقع الضرر على الجميع، لذلك فإن مسيرة التنمية والتطوير تتطلب مساواة الجميع في حق المعرفة والتعلم الذي يقود الى كفاءة التشغيل وضمان جودة المخرجات.
وأما آفة السؤال الأزلي (انت من أين) فلا شك ان النوايا تختلف من شخص لآخر عند طرح السؤال، بين صالح النية وبين سيئ الأهداف.
عالم كبير فيه مئات مليارات الكواكب والمجرات، ومليارات البشر الذين مروا على هذا الارض وغادروها ومليارات تعيش وتعمل وتبني حضارات، وبعضنا لازال عالقاً في المربع الاول "انت من أين".
وذلك ببساطة لانه لا يجرؤ ان ينتقل الى المربع الثاني فهو لا يملك من مقوماتها غير اسمه، المربع الثاني مربع القيمة على أساس المعرفة والعطاء والاندماج والتقبل، ولا نزيد على قول الله تعالى (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) صدق الله العظيم. التوجيه والتربية الإلهية الواضحة، اعملوا بصيغة الامر وليس الخيار، ثم تردون لتقييم أعمالكم،، اذاً الأمور بالعمل وليس بالاسماء.. والى ان نلتقي في مربع جديد هذه تحية من هنا من الدوحة والى لقاء.