أحسن فريق.. 365 يوم رياضة..!

العيد بالنسبة للبلدان التي تعيش مواجهات وأزمات تفرض على الناس استجداء هدنة أو تمديدها قبل استئناف الصراع هو عيد اقتناص الفرصة لزيارة المقابر والطبطبة على مصابي الحرب..  أما في العاصمة اليمنية صنعاء فقد جعل المئات من المواطنين - حتى أول ايام العيد - يوماً ضمن 365 يوما من ممارسة الرياضة الصباحية بعد صلاة كل فجر، وبلا انقطاع..ولا أرى هذا النشاط المنضبط كساعة سويسريه إلاَّ حكاية رياضية ملهمة، أرجو أن يكون كل مؤمن بأهميتها جزءا من شعارها ( رياضة مستدامة من اجل الصحة والحياة..) ولكل أن يمارس من النشاط ما يناسبه وعلى طريقته وظروفه، على قاعدة لن تكون سعيدا اذا لم تعمل ما تحبه..!  * في العاصمة اليمنية صنعاء، وبمبادرات شخصية غير مؤسسية نجحت فكرة 365 يوم رياضة في كل عام وبدون انقطاع حتى تحت القصف وتداعيات الاحتراب.. ولقد بدأت فكرة احسن فريق قبل5 سنوات على يد مجموعة بسيطة في حديقة الثورة، أول حديقة ألعاب وترفيه كبيرة في صنعاء، جمال الفكرة وإعجاب الناس بها أسفر عن تحويل (احسن فريق) إلى خمس مجموعات في عدد من المناطق داخل المدينة توسيعاً لقاعدة الممارسين للرياضة الصباحية والتغلب على مشكلة المواصلات بعد الارتفاع المطرد لأسعار المشتقات النفطية في زمن الحرب..والجميل أن احسن فريق تحوَّل الى ظاهرة اجتماعية وسياحية للأعضاء، والشرط النافذ على الجميع هو عدم الخوض في السياسة حتى لايدخل الشيطان من نافذتها..!  * وعندما سألت اوائل المؤسسين لماذا اختيار اسم ( احسن فريق ) بما ينطوي على هذه التسمية من المبالغة قالوا:   ما من فريق بتلك الأعداد البشرية الكبيرة يتجمع بعد فجر كل يوم دونما انقطاع او اجازات منذ تأسيسه بما في ذلك ايام رمضان وأيام الأعياد، حيث تتحول صباحات التمارين إلى مصلى وجبَّانة لآقامة صلاة وخطبة العيد عقب التمارين..  * توضيحا للصورة فإن الالتحاق بإحدى مجموعات (احسن فريق) يتم مجانا، وليس فيه اشتراكات او التزام صارم بزي او لون أو سِن محدد حتى انك ترى الجد الطاعن في السن وولده وحفيده في نفس الوقت وهم يؤدون التمارين السويدية المناسبة للجميع بروح قوية لا تخلو من مشاكسة كبار السن الذين يحرصون على ان يرددوا بين التمرين والآخر باصوات مرتفعة (نحن الشباب..) في موقف نفي حاسم ان يكون بينهم شيبان وأن الجميع شباب ما داموا يستيقظون قبل العصافير، يستنشقون بواكير الهواء، يستقبلون أول خيوط الشمس بممارسة الرياضة الصباحية كل يوم دونما انقطاع.. * وحيث انني عضو ضمن احسن فريق منذ ثلاث سنوات فإن في التجربة الشخصية ما يسمح بتأكيد انه صار كل مشارك يعيش في مزاج جيد بقدر ما يبديه من الحماسة..  * هناك مع احسن فريق ستجد نفسك جزءا من حكاية ملهمة، لشيوخ وشباب واطفال من الجنسين لا يخافون الالتزام الطوعي المبكر، يعيشون صباحاتهم بمحبة وبصورة صحية بصرف النظر عن قسوة الواقع المحلي بأزماته وحروبه ومواجهاته والسوء العالمي باختناقاته وحروبه.. وماذا بعد أيها القارئ..   مهما كان عمرك وظروفك وحجم رصيدك من الطاقة الايجابية والسلبية..! أود لو تسمع، نصائح مجانية وغير مكلفة، ومضمونة الفائدة..  كل يوم هو فرصة لإعادة علاقتنا بالرياضة من موقع الممارسين وليس المشاهدين.. وما أقصد هنا ليس من اجل البطولة وإنما الرياضة من اجل الصحة.. إنها فرصة للتنفس العميق.. فرصه للحفاظ على لياقة الجسد، وجماليات الروح، وصفاء الذهن، وتفريغ الطاقة السلبية في زمن شديد التعقيد تؤكد لنا رواياته حاجتنا لعلاقة دائمة برياضة مناسبة نحارب بها الكسل والترهل وامراض الضغط والسكر والكولسترول وشوارد الدم، وما إلى ذلك من امراض العصر.. * وحيث وللعيد جلاله وروعته، وللمناسبة جلالها واشراقاتها فإنها فرصة لأن نتواصى بالحق، فنرفع بيارق الأمل ونُروِّض نفوسنا على ماهو جميل ويرتقي بالإنسان، استحضاراً لقيم التسامح والمحبة والصداقة على الدوام..  وحسب حكماء اختزلوا الواقع فإن التسامح يعني صحة افضل، وعمرا اطول، وقفزا على منغصات الحياة، وتجنُّب مظاهر التوتر والقلق، والمبادرة للاعتذار لمن اخطأنا في حقه بشجاعة الفرسان وأخلاق النبلاء وروح الفاهمين لحقيقة ان الكلمة الطيبة صدقة وتغليب الحكمة ومجاهدة النفس لضبط عند الغضب.. * وأختم هنا بكلمات من اغنية مختارة صارت في اليمن ايقونة ودليلا على قدوم العيد وبتصرف يتجاوز عقبة اللهجة: اضحك على الأيام وأترك الأوهام..  عدوك اضحك له.. ومن حنق قل له..  مش وقت يا أخي عيد..  كل عام وأنتم بخير..  كل عام وأنتم إلى الله أقرب وعلى طاعته أدوَم..