


عدد المقالات 10
في مثل هذه الأيام منذ خمسة وأربعين عاما تجرعت سوريا مرارة الإذلال وعلقم الهزيمة بضياع أو تسليم جزء غال من الوطن للدولة العبرية. كان حافظ الأسد وزير الدفاع مهندس سقوط الجولان بحسب شهادات تاريخية وموثقة، ومن أطراف مختلفة من أهمها شهادة ضابط الاستخبارات السوري في كتابه الهام والوثائقي «سقوط الجولان»، وشهادة سامي الجندي وزير الإعلام السوري وقتها وعضو القيادة القطرية وأحد مؤسسي حزب البعث في كتابه «كسرة خبز»، وشهادة سعد جمعة رئيس وزراء الأردن أثناء حرب 1967 في كتابه «المؤامرة ومعركة المصير»، وشهادة الوزير السوري المفوض وقتها في مدريد «دريد مفتي» وقد سجلها سعد جمعة في كتابه «مجتمع الكراهية» بعدما التقاه في لندن. وفي ظاهرة غير مسبوقة تمت مكافأة الأسد بعد نحو ثلاثة أعوام من الهزيمة المذلة والمدوية ليقفز إلى سدة الحكم وليورثه من بعد لابنه بشار وليذيقوا السوريين عقودا من القمع والقهر ويوغلون في تدمير الوطن بنيانا وإنسانا. الأسد الأب الذي خسرت البلاد في عهدة وزارة دفاعه هضبة الجولان الاستراتيجية عسكريا والغنية مائيا وطبيعة، تكشفت بطولاته وصولاته وصرامته وقبضته الحديدية في لبنان وفي مخيم تل الزعتر وفي مجازر حماة وجسر الشغور وتدمر، وفي تنفيذ أجهزته الأمنية إرهابا واغتيالات طالت شخصيات لبنانية وفلسطينية وسورية من مشارب مختلفة وطوائف متنوعة، جمعها وقوفها في وجه طغيانه ودمويته وعربدته السياسية. وإذا كان للوقاحة السياسة من رمز أو وثن يجسدها، فلن يكون أولى بذلك من حافظ الأسد الذي قفز ابتداء ورفاقه في 1963 للحكم عبر انقلاب عسكري تحت شعارات تحرير فلسطين فأضاعوا الجولان. ولتبقى فلسطين وقضيتها عقودا عجافا ستارا وذريعة لهم لتدمير الوطن ونهب قدراته وانتهاك كرامة المواطن ومصادرة حريته والتضييق على سبل عيشه. استخدم النظام في عهدي الأب والابن قضية المقاومة أداة سياسية للابتزاز واستغلال المشاعر الشعبية، وللتغطية على تجاوزاته وجرائمه في القمع والبطش والنهب، ولم يجد من عكازات سياسية حينا من الدهر سوى حزب الله الشيعي وحماس الإخوانية، رغم ادعائه وتبجحه بالعلمانية والقومية منهجا وسبيلا. ومع تفاخره وتباهيه بإسناده الإعلامي والسياسي للمقاومة اللبنانية والفلسطينية، لم يهتم النظام بالإجابة عن تساؤل مشروع: أين المقاومة السورية؟ وحين انفجرت في سوريا العام الماضي ثورة الحرية والكرامة وهروبا من استحقاقاتها وفي محاولة لخلط الأوراق خصوصا بعد تصريحات رامي مخلوف عن ربط أمن إسرائيل بأمن النظام، تذكر بشار فجأة وبعد عقود من النسيان الجولان، فحرضت أجهزته الشباب السوري والفلسطيني في ذكرى النكبة والنكسة على عبور الحدود ليتساقطوا بالعشرات، وليتبعهم آخرون في مخيم اليرموك تظاهروا احتجاجا على اللعب والعبث بقضية فلسطين وبدم أبنائها. في ذكرى الهزيمة وتضييع الجولان من المؤلم والمخزي أن تنتشر دبابات الجيش العربي السوري في المدن والبلدات والقرى السورية، وهي التي شكت الخمول والجمود في مواجهة المحتل، ومن المؤسف ألا تتوقف مدفعية الجيش عن دك الأحياء الآمنة وقد عهدناها خرساء بكماء في مواجهة إسرائيل. لقد ابتلع النظام إهانات متوالية تلقاها من الإسرائيليين، من اغتيالات على أرضه إلى تحليق الطائرات فوق قصر بشار وتدمير موقع الكبر، متعذرا بأنه يمتلك حق الرد في الوقت المناسب. في حين لا يتوقف عن قرع طبول الحرب في مواجهة شعب بنى هذا الجيش من لقمة عيشه وعلى حسابات حاجاته وحاجات أطفاله الأساسية. تمر علينا ذكرى احتلال الجولان هذا العام وقد أغفلها إعلام النظام أو كاد، فيما كان في العام الماضي يدفع بعشرات الشباب ليعبروا الحدود لعل دماءهم تنقل بؤرة الاهتمام من الدم السوري المسال بيده إلى الدم الفلسطيني النازف برصاص الاحتلال وتواطؤ النظام. الأسد أصبح وقد اهتز عرشه يلعب على المكشوف، فقد أعلن في خطابه الأخير بمجلس الشعب أن «العدو أصبح في الداخل ولم يعد على الحدود»، وهو بعد أن صرح في نفس المكان في مارس العام الماضي: «وإذا فرضت علينا المعركة اليوم فأهلا وسهلا بها»، والمعركة هنا وببساطة معركة ضد الشعب السوري وحريته وكرامته وأعراض حرائره وبراءة أطفاله. وها هو بشار بعد أن أنجزت كتائبه مجزرة الحولة يعلن في خطابه «وقد فرضت علينا معركة فكانت النتيجة هذه الدماء التي نزفت». لقد أسقطت الثورة السورية الأقنعة وكشفت المستور وذكرت الغافلين بأن من يهدر كرامة مواطن ويغتصب شرف الحرائر ويذبح براءة الأطفال لا يمكن أن يكون تعامله مع العدو الخارجي إلا في إطار الصفقات والتفاهمات.
برسالته التي أبى أن تكون شخصية فكانت حبرا على ورق إعلامه البائس، وجه بشار الأسد رسالة تهنئة للجيش السوري في ذكرى تأسيسه، حفلت بتناقضات عودنا عليها نظامه المحتضر. فعبارة التهنئة جاءت لتؤكد الشقة الواسعة بين...
سوريا في مقدمة الأخبار، فشجاعة أهلها تكتب تاريخا وتصوغ عبرا وتصنع نماذج للمستقبل. الثورة السورية تتميز عن غيرها بأنها تواجه نظاما قمعيا دمويا فاشيا لا يرقب في الوطن والمواطن إِلَّاً ولا ذمة، نظاما يلقى دعما...
بدأ في دمشق اللقاء التشاوري للحوار الوطني والذي دعا إليه بشار الأسد وقاطعته شخصيات معارضة باعتبار أن أية مشاركة لأسماء ذات وزن أو مصداقية في مثل هذه اللقاءات تعتبر اختراقا واحتراقا، اختراق من النظام واحتراق...
في جمعة «لا حوار» قالت الجماهير الحاشدة التي تحدت فرق الموت الأسدية كلمتها وحزمت أمرها: لا حوار مع القتلة والمجرمين والأفاكين. لا حوار، لأن النظام استخدم مبادراته الإصلاحية المزعومة ودعواته الحوارية الزائفة، رسائل للخارج وقنابل...
للمرة الثانية في أقل من شهر، يطعن المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي في الثورة السورية ويتهمها زيفاً وزوراً بأنها من صنيعة أميركا وإسرائيل، فقد قال خامنئي إن الثورة السورية نسخة مزيفة عن الثورات في مصر...
لماذا يُعتقل رائد صلاح في بريطانيا من غير مقدمات ولا مبررات منطقية؟ وهل هناك من يحاول أن يغير الاهتمام والأولويات في المنطقة حيث يتعرض النظام السوري إلى تحديات غير مسبوقة مما يثير مخاوف الغرب وقلقه...
لم يكن للنظام السوري من نهج سوى الخيار الأمني في تعامله مع الانتفاضة الشعبية التي تفجرت مطالبة بالحرية والكرامة ابتداء لتنتهي بالسعي لإسقاط النظام. ذلك لأن النظام ليس فقط عاجزاً عن الإصلاح ولكنه لا يرغب...
سوريا تختلف عن غيرها، هذا ما قاله بشار الأسد لصحيفة «وول ستريت» الأميركية تعليقا على الثورات في مصر وتونس. وفي هذه لم يبتعد عن الحقيقة، فسوريا التي ترزح تحت حكم الأب والابن منذ أكثر من...
النظام السوري انتهى، سقطت شرعيته وهوت مشروعيته بعد توسع المظاهرات وسفك الدماء الغزير، وبعد الصور الموثقة للوحشية والعقاب الجماعي وتدمير المدن، وبعد أن أدرج بشار في قائمة المعاقبين والممنوعين من السفر، والموقف التركي الصارم والذي...