تجارب اقتصادية ناجحة

في ظل انخفاض أسعار النفط والغاز ومن ثم انخفاض إيرادات العديد من دول مجلس التعاون التى تعتمد الى حد كبير على هذه الايرادات، فقد أشاد صندوق النقد الدولى بإعلان عدد من الدول الخليجية بالتخلى عن الاعتماد المطلق على إيرادات النفط والغاز، ووضع خطط بديلة لتنويع مصادر دخل البلاد من العملات الأجنبية «وإن وصفها الصندوق بالمتأخرة نسبياً»، وأوصى الصندوق حكومات الدول الخليجية بتبنى نموذج إقتصادى جديد يقتبس خطوطه العريضة من بعض النماذج الناجحة المشابهة لها فى الظروف مثل ماليزيا والمكسيك وأندونيسيا التى إستطاعت تنويع مصادر إقتصاداتها ودخلها بعيداً عن النفط وإيراداته. وأكد صندوق النقد الدولى أنه بالرغم من إتباع كل دولة من هذه الدول لمسارها الخاص بها إلا أنها إشتركت جميعاً فى التركيز على وضع مجموعة من الحوافز الضريبية والجمركية لتشجيع الشركات على تطوير إنتاجها وإنتاجيتها وقدراتها التصديرية، وتحفيز العاملين بها على اكتساب المهارات والى خلق بيئة إقتصادية مستقرة ومناخ أفضل لممارسة الاعمال التجارية والاقتصادية، وذلك من خلال التركيز على ما يلى: * توجيه الاستثمارات الى التجمعات الصناعية التى تتميز بإرتفاع الانتاجية حتى وإن لم يكن لها ميزة تنافسية نسبية فى المدى القصير مع العمل على زيادة إنتاجها وتحسين مستوى صادراتها... وإن كنت أرى امتلاك دول الخليج لمقومات افضل كثيراً من هذه الدول الثلاث، بما تملكه من طاقة غير مكلفة وتمويل أيسر وقدرات أكبر تمكنها من الحصول على التكنولوجيا المتقدمة. * تطور الروابط الافقية والرأسية بين التجمعات الصناعية بما أسهم فى تكوين شبكات من الموردين المحليين حول الصناعات التصديرية القائمة، وقد ساعدت هذه الاستراتيجية ماليزيا على تصدير زيت النخيل والمطاط لبناء روابط أوثق مع بقية القطاعات الاقتصادية عبر رفع مستوى القدرات البحثية والتكنولوجية، ووضعت المكسيك ذات الروابط فى قطاع السيارات الذى تميزت به... وإننى أرى تمتع الدول الخليجية بقطاعات واعدة لم يتم الاستفادة منها بالشكل الاقتصادى الأمثل وفى مقدمتها قطاع التعدين والتصنيع والبتروكيماويات. * استخدام رؤوس الأموال الأجنبية فى جلب ونقل التكنولوجيا من خلال انشاء مناطق تجارة حرة وتخفيف القيود الجمركية والحواجز غير الجمركية «كما فعلت أندونيسيا»، واتباع السياسات الانفتاحية التى مكنت المكسيك من الانضمام الى اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأمريكية مما سهل لها تطوير قطاع السيارات بشكل سريع... وإننى أرى أن هذه الأمور تفرض على الدول الخليجية الإسراع بصورة أكبر فى تفعيل قرارات مجلس التعاون، والاسراع كذلك بتحقيق الوحده الاقتصادية بين دول المجلس. * تقديم مجموعة من الحوافز الضريبية والتركيز على التدريب لضمان توفير العمالة المدربة ذات المهارات العالية، وتيسير الحصول على التمويل الرخيص ودعم الإنتاج والتصدير من بنوك التنمية وصناديق رأس المال الاستثمارى ووكالات ترويج الصادرات وخاصة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، حيث يتطلب إنشاء وتكوين التكتلات الصناعية عمالة ماهرة ورؤوس أموال غير مكلفة بجانب بنية تحتية قوية وفى مقدمتها الطاقة، وهى جميعاً عناصر متاحة ومتوافرة فى الدول الخليجية. nerman123@yahoo.com