وزائرتي كأن بها حياء فليس تزور إلا في الظلام بذلت لها المطارف والحشايا فعافتها وباتت في عظامي يضيق الجلد عن نفسي وعنه فتوسعه بأنواع السقام كأن الصبح يطردها فتجري مدامعها بأربعة سجام أراقب وقتها من غير شوق مراقبة المشوق المستهام المتنبي عندما كان منتخب المغرب الشقيق يصنع ملحمة كروية عالمية بمونديال قطر كنت انا على فراش مستشفى الدوحة أصارع "زائرتي في الظلام" بينما قلبي يحّنُ الى المغرب وأتمنى اعرف النتيجة لان المستشفى لم يخصص شاشة ولو واحدة لمتابعة المونديال والبطولة في أرض المونديال والاحلام..!! كان يضيق الجلد بيني وبين الحمى التي اطاحت بي وتمكنت بي قبل أن اشعر بوجود المرافق التونسي أنور الذي كان يمسك هاتفا بشكل مستمر فاكتشفت بانه يفتح نظام الفيفا لمعرفة النتائج الخاصة بالمونديال الذي جعلني اتنفس الصعداء عندما بشرني بأن النتيجة التعادل والمباراة ذاهبة لركلات الترجيح... ركلات الترجيح التي نفذها منتخب فخر العرب كانت كالادرنالين الذي استنهضني وجعلني اشعر بتحسن كبير "كأن النصر العربي يطردها فتجري / مدامعها بأربعة سجام" وانتصر المنتخب المغربي على منتخب أسبانيا وحقق تاريخية التأهل الى دور الثمانية.. وليس النصر كالفوز فالنصر حمل المدرب وليد الركراكي وحارس المرمى الهمام ياسين بونو على الاعناق. نجح المنتخب المغربي العربي الشقيق في ان يتجاوز دور الستة عشر للمرة الاولى في تاريخ المشاركات العربية قاطبة ومنذ مونديال امريكا ١٩٩٤ الذي كانت فيه المشاركة المغربية بمستوى فني عال ولكنها لم توفق في تحقيق النتائج على صعيد التأهل رغم ان المنتخب المغربي قدم عروضا مشرفة بل وصنفت مباراة المنتخب المغربي مع منتخب هولندا بأنها الافضل في مونديال امريكا. لماذا نجح منتخب المغرب في أن يكون الحصان الأسود في مونديال قطر ٢٠٢٢ لابد بأن هناك تفاصيل دقيقة لا يعرفها سوى الاقربين من المنتخب المغربي فقد كشف لي الاستاذ عبداللطيف المتوكل وهو أحد الاعلاميين البارزين في المغرب اذا لم يكن احد رموزها الاعلامية. يكمن التفوق الكبير للمنتخب المغربي في "روح المجموعة" التي تلعب داخل الملعب وهي على استعداد أن تضحي بروحها وتترك روحها داخل الملعب.. رغم الاعباء والاصابات لم يشعرنا اسود الاطلسي بأن معدل لياقتهم تراجع وهم يلعبون اكثر من (١٢٠ دقيقة ) امام الماتدور الاسباني الذي سقط في النزال..وأي سقوط كان..؟! قال الاعلامي الفذ المتوكل بأن تغيير الجهاز الفني كانت مجازفة خطرة جدا.. ولكن بعض الاحيان لابد ان تجتمع الجسارة والشجاعة مع المغامرة ليتحقق النجاح فوليد الركراكي مدرب أسود الأطلس تم التعاقد معه قبل ٣ اشهر وهي مغامره.. الا ان المدرب المحلي دائما يتحمل الصعوبات وحصل هذا سابقا في مونديال امريكا عندما تولى عبدالله بلندة المسؤولية خلفاً عن عبدالخالق اللوزاني الذي تم اقالته لخلاف مع الاتحاد المغرب حينها. الركراكي أعاد الاعتبار للمدرب الوطني وخلق الجو العائلي داخل المنتخب المغربي بمعنى الكلمة فلم تعد توجد النزعة الشخصية في المنتخب وعاد المعتزل اجباريا حكيم زياش " سكيلاتشي المغرب" الذي عاد من الانقاذ بعد خلافه مع المدرب السابق وهو النجم الذي رفض العرض الهولندي ليلعب مع منتخب بلاده ويزأر بأعلى صوته. نجوم المنتخب العربي المغربي الشقيق اشرف حكيمي وسايس وناحي وغيرهم جعلوا من المستحيل واقعا وممكنا في مونديال قطر ٢٠٢٢ ورفعوا راية الكرة العربية بنتائج وتفوق واضح وصريح لا يحتاج الى تحليل واقاويل اكثر مما كتبه الاسود داخل هذا المونديال الذي يعج بالعلم المغربي الاحمر والمنقوش في قلبه بالنجمة الخضراء.