عدد من يعمل، حسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء، نحو 11.485 مليون، نحو 24 % منهم دون الأربعين من العمر! منهم نحو 5 ملايين (43.5 %) مواطن ومواطنة، قرابة 3 ملايين (60 بالمائة) من السعوديين المشتغلين دون الأربعين من العمر. ووفقا لهذه البيانات الحديثة (نهاية العام 2015)، يساهم كل من المواطنين والوافدين في سوق العمل السعودية. السؤال: كيف بوسعنا بناء رأسمال بشري في سوق العمل السعودي؟ لعل من المفيد التذكير بأن قوة العمل في أي بلد تشمل: الموظفين لحساب الغير، والعاملين لحساب أنفسهم، والعاطلين عن العمل ممن لديهم القدرة والرغبة للعمل، أما معدل البطالة فهو النسبة المئوية للعاطلين إلى اجمالي قوة العمل، ولا يشمل ذلك العمالة في القطاعات العسكرية. وحاليا، يبلغ معدل البطالة 11.5 % (وفقا لبيانات النصف الثاني للعام 2015م). ويمكن بيان أن هذا المعدل أعلى مما يمكن لاقتصادنا المحلي تحمله، لأسباب منها: اعتماد الاقتصاد السعودي الهيكلي على عمالة وافدة. الإحلال هو أن يَحلّ مواطن مؤهل محل وافد في الوظيفة. ولا تقتصر دوافع سياسة الإحلال على الحَدّ من البطالة، فهي شرط مسبق لتعظيم القيمة المضافة المحلية والارتقاء بالإنتاجية ومن ثمة الانتاجية، وهي مرتكزات تحقيق الرؤية 2030، بما يبرر القول بأن تنمية ورعاية رأس المال البشري مرتكز لتحقيق «الرؤية 2030». وفي الحالة السعودية، يمثل الإحلال، من الناحية النظرية على الأقل، محورا لاستيعاب المزيد من المواطنين، وطلبا للتحديد يطرح السؤال: هل نجح الاقتصاد السعودي في الاحلال منذ صدور قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 50 للعام 1415هـ؟ الإجابة غير معروفة، إذ لم تنشر بيانات توضح الأداء الفعلي لبرنامج الإحلال خلال سنوات الخطط الخمسية السابقة. ومع ذلك هناك مؤشرات تاريخية تبين أن برنامج الإحلال أخفق عندما ابتعد عن تحقيق التقليص الكمي المستهدف (في الخطط الخمسية المتتابعة) للعمالة الوافدة. بغض النظر عن السؤال وإجابته، فالأهمية الحرجة لبناء رأس مال بشري تُبرر إطلاق برنامج وطني يتكون من جملة عناصر متكاملة تؤدي في مجملها الى: خفض البطالة من جهة، وزيادة نسبة المشاركة من جهة أخرى. وبرنامج من هذا النوع يجب أن يمتلك موارد تتناسب مع المكاسب المتوخاة، فنجاح برنامج وطني لتنمية الموارد البشرية في توظيف 500 ألف مواطن على مدى خمس سنوات، سيعني: 1. مكاسب اجتماعية هائلة، 2. تنمية رأس المال البشري بخبرات متراكمة، 3. توفير في التحويلات للخارج وبالتالي تعزيز ميزان المدفوعات لصالحنا، 4. تقليص ظاهرة التستر الطفيلية التي يقدر حجم «اقتصادها» بنحو 600 مليار ريال، 5. الارتقاء بالإنتاجية من حيث زيادة معدل المشاركة من جهة والانتقاء في الاستقدام وفق الحاجة فقط وعلى أسس اقتصادية. ولذا، فهناك ما يبرر الإصرار على إحلال السعوديين، فكل وظيفة يولدها الاقتصاد السعودي ولا نتمكن من الاحتفاظ بها ليشغلها مواطن (ولاسيما الوظائف القَيّمَة) تعني إما ملازمة مواطن للبطالة وحرمانه من المساهمة في بناء وطنه وتحقيق ذاته، أو اضطراره للمشاركة فيما عاد يُعرف بـ «السعودة الوهمية».