تقوم قاعدة الدفع بعدم التنفيذ على اعتبار أنه إذا كان للدائن في العقد الملزم للجانبين أن يطلب فسخ العقد إذا لم يقم المدين بتنفيذ التزامه، فيتحلل الدائن بذلك من تنفيذ ما ترتب في ذمته من التزام، فله من باب أولى، بدلا من أن يتحلل من تنفيذ التزامه أن يقتصر على وقف تنفيذه حتى ينفذ المدين التزامه. والفكرة التي يقوم عليها الدفع بعدم التنفيذ هي ذات الفكرة التي يقوم عليها فسخ العقد: الارتباط فيما بين الالتزامات المتقابلة في العقد الملزم للجانبين، مما يجعل التنفيذ من جهة مقابلا للتنفيذ من جهة أخرى.
وقد صاغ القانون المدني القطري مبدأ الدفع بعدم التنفيذ في نص عام بالمادة 191 بأنه: (في العقود الملزمة للجانبين إذا كانت الالتزامات المتقابلة مستحقة الأداء، جاز لكل من المتعاقدين أن يمتنع عن الوفاء بالتزامه، إذا لم يقم المتعاقد الآخر بالوفاء بما التزم به. وذلك ما لم يتفق على خلافه أو يقض العرف بغيره)
ويتضح من النص المذكور أن قاعدة الدفع بعدم التنفيذ تقوم على فكرة الارتباط فيما بين الالتزامات المتقابلة، الأمر الذي يجعل من هذه القاعدة قريبة من المقاصة والفسخ والحق في الحبس، وهي نظم ترجع كلها إلى فكرة واحدة، هي تقابل الالتزامات، فحيث يوجد شخصان كل منهما مدين للآخر، يكون من العدل أن يستوفي كل منهما ما له من حق مما عليه من دين – وهذه هي المقاصة والفسخ – أو في القليل يقف وفاء ما عليه من دين حتى يستوفي ما له من حق – وهذا هو الدفع بعدم التنفيذ والحق في الحبس.
ولا يكفي أن يكون هناك عقد ملزم للجانبين، بل يجب أيضا أن يكون الالتزام الذي يدفع بعدم تنفيذه التزاما واجب التنفيذ حالا. فلا يجوز الدفع بعدم تنفيذ التزام مدني غير حال، فالبائع لا يستطيع أن يحبس العين لعدم استيفاء الثمن إذا كان الثمن مؤجلا. وإذا كان العقد يوجب على احد المتعاقدين ان يبدأ بتنفيذ التزامه قبل المتعاقد الآخر، فلا يحق له أن ينتفع من هذا الدفع إذ يتعين عليه أن يفي بما التزم به دون أن ينتظر وفاء المتعاقد الآخر.
قد يتمسك كل من المتعاقدين بالدفع بعدم التنفيذ ويمتنع عن تنفيذ التزامه حتى يقوم المتعاقد الآخر بالتنفيذ. فإذا رفع احدهما دعوى على الآخر يطالبه بالتنفيذ، حكم القاضي على المدعى عليه بأن ينفذ التزامه بشرط أن يقوم المدعي من جانبه بتنفيذ التزامه.