ما الذي ننتظره من ابنائنا بعد المدرسة؟، هل هي الحصيلة العلمية الأكاديمية الخالصة، أم نتطلع الى بناء منظومة اخلاقية سلوكية اجتماعية تفاعلية تنتجها المدرسة، والواقع ان الطبيعي ان نتوقع من المدرسة وعلى مر سنوات الدراسة وبالنظر الى عدد الساعات التي يقضيها الطالب في المدرسة ان تكون المدرسة هي مصنع الأجيال على الصعيدين التربوي والأكاديمي، وهنا تكمن المشكلة.
المشكلة هي ان معظم المدارس تقسم الى حكومية ودولية، وبحكم عدد المدارس الأجنبية المنتشرة في وطننا العربي وحجم الإقبال عليها نجد ان هناك توجها كبيرا من قبل أولياء الأمور للذهاب الى المدارس الدولية، أحياناً لتراجع المستوى الأكاديمي للمدارس الحكومية بالنسبة للاختبارات الدولية والتي تطلبها الجامعات الدولية، وأحيانا اخرى لأسباب وابعاد اجتماعية، بكل الأحوال أصبحت تلك المدارس الأجنبية واقعا لا مجال لإنكاره، والمقصد من سابق القول ان تلك المدارس وان كانت قد تتفوق أكاديمياً الا انها تقدم منظومة اخلاق غير متجانسة مع المجتمعات العربية، ليس خطأً فيها ولكن لاختلاف الثقافة ومدى اثر ذلك تحديدا على طلاب المدارس، فما نراه نحن في قمة الخطأ في ثقافتنا قد يكون مطلبا اجتماعيا في ثقافة اخرى والعكس أيضا صحيح، ففي دراسة اجريت على منظومة القيم وجد ان قيمة الشهامة (المروءة) تحتل المركز الاول في الوطن العربي بينما تقع نفس القيمة في المركز الثالث عشر في الولايات المتحدة الامريكية، لذا لا تتوقع من طالب متشبع الفكر التربوي الامريكي ان يكون شهما وغيورا على القيم العربية الاسلامية، وعلى ذلك ويمكن قياس كم كبير من الاخلاقيات والقيم التي تصاب بالتشوهات عند ابنائنا وبناتنا مرتادي المدارس الدولية كونها تكون طبيعية في بيئة المدرسة وفجأة تصبح محرمة خارج أسوار المدرسة، وقد ينتج عن ذلك الكثير من المشاكل السلوكية والاجتماعية، والحل في وجهة نظري هو ان الدولة ممثلة بأجهزتها ذات العلاقة هي المسؤول المساءل عن جودة منظومة التعليم في شقيها الأكاديمي والتربوي في كافة المؤسسات التعليمية سواء الخاصة او الدولية او الحكومية، ذلك ان مدخلات تلك المدارس هي الثروة القومية الحقيقية للدولة، وحمايتها ورعايتها مسؤولية بالغة الأهمية، والى ان نلتقي تحية والى لقاء.