تشهد منطقة الشرق الأوسط زخماً هائلاً وإقبالاً غير مسبوق على إنتاج الطاقة المتجددة، ولكن على الرغم من هذا الزخم في هذا المجال والذي تشهده بعض الدول مثل قطر، إلا أنّ هناك تحدياً آخر مرتبطا بالطبيعة غير المستقرة لمصادر الطاقة المتجددة، ومدى توافر الحلول المتوقعة لتخزين الطاقة. ويُعد الهيدروجين من أحدث الاتجاهات التكنولوجية المبتكرة للتعامل مع هذا التحدي. ومما لا شك فيه أن قطر تشهد إقبالا كبيراً على إنتاج الطاقة المتجددة، فالدولة تنتج فعلياً مادة البولي سيليكون في السوق المحلي، وهي المادة الرئيسية المستخدمة في إنتاج الخلايا الشمسية (الفوتو كهربية)، كما تقوم قطر بتطوير أولى مشروعاتها الرئيسية في توليد الطاقة الشمسية. قامت الدولة أيضاً بتنفيذ مشروع توليد الطاقة الشمسية على أسطح البنايات، ولديها هدف وطني بتدبير 20 % من الطلب على الطاقة الكهربائية من مصادر متجددة بحلول عام 2030. الطاقة المتجددة ولكن قطر - مثلها مثل باقي دول العالم - تواجه تحدياً رئيسياً مرتبطاً بالطبيعة المتقطعة وغير المستقرة لمصادر الطاقة المتجددة. فهذه المصادر لا تُولّد الطاقة الكهربائية بمعدلات ثابتة، بعكس المصادر التقليدية لتوليد الطاقة. وبالتالي تولّد الطاقة المتجددة قدرات كهربائية كبيرة في بعض الأوقات، وقدرات قليلة في أوقات أخرى، تبعاً لشدة أشعة الشمس أو قوة الرياح. إلا أن شبكات الكهرباء والطلب على الطاقة الذي تلبيه، يحتاجان لإمدادات ثابتة ومستقرة من الكهرباء. والأكثر من ذلك، تتميز المحطات الغازية لتوليد الكهرباء بقدرتها على زيادة أو تقليل قدراتها الإنتاجية تماشياً مع تغيرات الطلب، بينما لا تتمكن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح من القيام بذلك بشكل عام. فالمصادر المتجددة تقوم بتوليد الطاقة الكهربائية عند توافر أشعة الشمس أو حركة الرياح، ولكن عندما تغيب الشمس أو تتوقف حركة الرياح، لا يمكنها إنتاج الطاقة أياً كان حجم الطلب. وللتعامل مع هذا التحدي الكبير، يتطلع العالم بشكل عام ومنطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص لحلول تخزين الطاقة، حيث تتعامل تلك الحلول المتطورة مع هذين التحديين بشكل عملي. فعندما نقوم بتخزين الطاقة، فإننا في الحقيقة نقوم بتجميع الطاقة عندما لا يكون هناك طلب عليها من شبكة الكهرباء، ثم تقوم بإطلاقها وإرسالها للشبكة عند الحاجة إليها. تخزين الطاقة وتُعد البطاريات من حلول تخزين الطاقة المتاحة، سواء كانت بطاريات كيميائية، مثل النوع المستخدم في الهواتف المحمولة وأجهزة اللاب توب، أو بدائل تخزين الطاقة الأخرى مثل التخزين بالهواء المضغوط أو بضخ المياه. ولكن مع زيادة حصة الطاقة المتجددة ضمن مزيج الطاقة، يرى الكثيرون أنّ بطاريات تخزين الطاقة ستكون بديلاً مكلفاً للغاية، كما أنها لا تتمكن من استيعاب القدرات الكبيرة من الطاقة التي تغذي شبكات الكهرباء العملاقة. ولكن هناك حل عملي آخر، وهو الحل المتمثل في الهيدروجين الذي يتم إنتاجه من التحليل الكهربائي، إنّ الهيدروجين المتولد بأسلوب التحليل الكهربائي يُعد من أحدث الحلول في مجال تخزين الطاقة، خاصة لدولة قطر التي تقع في منطقة مغمورة بالشمس على مدار العام تقريبا. الطاقة الشمسية وفي هذا الإطار يمثل SILYZER نظاماً للتحليل الكهربائي يعتمد على تكنولوجيا غشاء التبادل البروتوني PEM، والتي يمكنها بكفاءة تحويل الطاقة التي تنتجها مزارع توليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إلى هيدروجين. ولا يساعد هذا النظام قطاع الطاقة المتجددة فقط، ولكنه مفيد وعملي أيضاً لقطاعات الصناعة والمواصلات والشبكات وحلول تحويل الطاقة الكهربائية إلى غاز. ومن أهم خصائص تكنولوجيا غشاء التبادل البروتوني أنها تسمح بنفاذ البروتونات، ولكنها تمنع نفاذ ذرات الهيدروجين والأوكسجين. وخلال عملية التحليل الكهربائي، يقوم الغشاء بعدة وظائف منها فصل المكونات، ومنع امتزاج الغازات الناتجة عن عملية التحليل مع بعضها البعض. وبخلاف عملية التحليل الكهربائي القلوية، تُعد تكنولوجيا غشاء التبادل البروتوني حلاً مثالياً يعتمد بسهولة على الطاقة الكهربائية المتقطعة والتي تنتجها طاقة الرياح والطاقة الشمسية. وبالفعل قامت سيمنس بتشغيل بعض الأنظمة التي تعتمد على الطاقة المتجددة لصالح عدد من عملائها في أوروبا، ومن بينها نظام بقدرة 5 ميجاوات في ألمانيا. ولأنّ منطقة الشرق الأوسط تتمتع بقدرات هائلة في مجال الطاقة الشمسية مقارنة بأوروبا، فإنّ ذلك يمثل سبباً رئيسياً للمفاوضات التي تجريها سيمنس حالياً مع عدة عملاء محتملين في المنطقة لإقامة محطات تعتمد على التحليل الكهربائي بقدرات تصل إلى 400 ميجاوات. وبالنسبة للعديد من شركات المرافق العامة مثل «كهرماء» القطرية، يمكن لنظام SILYZER استخدام الكهرباء الزائدة التي تنتجها مصادر الطاقة المتجددة في إنتاج الهيدروجين الذي يمكن تخزينه لشهور ليتم استخدامه فيما بعد في محطات الطاقة لتوليد الكهرباء عند الحاجة. غاز الهيدروجين ونظراً للطبيعة المتقلبة لغاز الهيدروجين، فإنّ ذلك يعني قدرته على أداء المزيد من الوظائف الأخرى. فالهيدروجين سهل النقل ويمكن استخدامه في خلايا الوقود المحركة لوسائل المواصلات والنقل، بداية من السيارات حتى السفن والقطارات. ومن المزايا الأخرى للهيدروجين المستخدم في خلايا وقود السيارات والشاحنات، أنّه لا يتطلب نقله لمحطات التعبئة، حيث يمكن تعديل نظام SILYZER بالزيادة أو النقص، بما يسمح بإنتاج الهيدروجين بشكل نظيف وآمن في نفس المكان. وفي إطار مشروع «الشراكة من أجل طاقة نظيفة» تعمل سيمنس على إقامة وتجهيز عدد من المحطات المركزية والفرعية لتعبئة الهيدروجين اعتماداً على نظام SILYZER. إنّ استخدام الطاقة المتجددة في نفس المكان يتيح إنتاج «هيدروجين صديق للبيئة» لإعادة شحن خلايا تشغيل المركبات في المستقبل، حيث يمثل هذا الحل بديلاً فعالاً ومرناً لإنتاج الهيدروجين. وإلى جانب استخدامه كوقود، يُعد الهيدروجين من العناصر الهامة في مجال الصناعة، خاصة الصناعات الدوائية والغذائية. وفي مجال صناعة أشباه الموصلات، حيث يمثل الهيدروجين عنصراً ناقلاً. الهيدروجين أيضاً من المدخلات الهامة في صناعة البتروكيماويات، حيث يُعد اللبنة الأساسية في تكوين العديد من المركبات مثل غاز النشادر (الأمونيا)، والميثان والمركبات الهيدروكربونية الأخرى التي يتم استخدامها في إنتاج البلاستيك. كل هذه الصناعات رئيسية في منطقة الخليج. في الوقت نفسه، يتم استهلاك الغاز الطبيعي حالياً لإنتاج الهيدروجين المستخدم في تلك الصناعات. ولكن مع استخدام نظام SILYZER كبديل للغاز الطبيعي في إنتاج الهيدروجين، يمكن توفير كميات هائلة من الغاز لاستخدامات أكثر أهمية وتوفير المزيد من القيم المضافة. يمكن أيضاً مزج الهيدروجين الذي يتم إنتاجه اعتماداً على الطاقة المتجددة، مع غاز ثاني أكسيد الكربون لإنتاج غاز الميثان والذي يُستخدم كوقود لتوليد الطاقة. وينتج عن ذلك تحقيق التوازن البيئي لثاني أكسيد الكربون، لأنّه عند حرق الميثان، فإنه يُطلق نفس الكمية من ثاني أكسيد الكربون التي كانت ثابتة من قبل. وتخطط سيمنس للتعاون مع شركائها في قطر وباقي دول المنطقة لإطلاق الطاقات والقدرات الهائلة للطاقة المتجددة بها. إنّ الاعتماد على الابتكارات الجديدة مثل نظام SILYZER وعلاقات التعاون الممتدة بين سيمنس وشركائها يتيح للشركة دعم الريادة القطريّة والمساهمة في تحقيق رؤيتها للتنمية المستدامة التي تلعب الطاقة المتجددة دوراً محورياً فيها.