«أوبك» والنفط الصخري

فيما يؤكد الكثير من خبراء الطاقة على أن الدول المصدرة للنفط كانت من بين أكثر المستفيدين من اتفاق منظمة «أوبك» في شهر نوفمبر الماضي بخفض الإنتاج وما ترتب على ذلك من ارتفاع سعر برميل النفط، إلا أن هناك الكثير من المحللين الاقتصاديين يرون أن الولايات المتحدة الأمريكية ونفطها الصخري هم الأكثر استفادة من هذا الاتفاق الذي أدى إلى ارتفاع سعر برميل النفط من 26 دولارا قبل الاتفاق إلى أكثر قليلًا من 50 دولارا في الوقت الراهن، وهو الأمر الذي عمل على زيادة عدد الحفارات والمنصات الأمريكية المنتجة للنفط والتي كانت قد توقفت نتيجة لارتفاع تكلفة استخراج برميل النفط عن سعر بيعه. وكانت الإستراتيجية السعودية وكذا العديد من دول منظمة «أوبك» تعتمد على زيادة الإنتاج ومن ثم خفض أسعار النفط وذلك للضغط على منتجي النفط ذو التكلفة المرتفعة لوقف الإنتاج أو الحد منه، وفي مقدمتهم منتجي النفط الصخري الأمريكي الذين كانوا يلتهمون جزءًا كبيرًا من الحصة السوقية للدول الأعضاء بمنظمة «أوبك». وإذا كان وزير الطاقة السعودي «خالد الفالح» قد توقع عدم حدوث انتعاشة كبيرة في إمدادات النفط الصخري الأمريكي خلال 2017 أي بعد بدء تطبيق الاتفاق، فإن الواقع العملي أظهر أن الانتعاشة قد تحققت بالفعل، حيث ارتفع إنتاج النفط الأمريكي بأكثر من 550 ألف برميل يوميا في فترة ما بعد قرار التخفيض، وإن استمر الإنتاج بهذه المعدلات فسوف يتجاوز الإنتاج الأمريكي من النفط الصخري قريبًا جدًا آخر ذروة له عند 9.61 مليون برميل يوميًا. هذا وتوقعت أحدث التقارير الشهرية لوزارة الطاقة الأمريكية أن يصل إنتاج النفط الأمريكي إلى 9.24 مليون برميل يوميًا بحلول شهر يوليو المقبل أي بما يزيد بأكثر من نصف مليون برميل يوميًا عما كان عليه الوضع قبل قرار التخفيض، كما توقعت إدارة المعلومات بوزارة الطاقة الأمريكية ارتفاع الإنتاج الأمريكي من النفط الصخري ليبلغ في شهر ديسمبر المقبل نحو 860 ألف برميل. ويرى العديد من الخبراء أن القرار المتوقع صدوره من منظمة أوبك في الأسبوع الأخير من هذا الشهر بتمديد خفض الإنتاج سيكون كفيلًا برفع أسعار النفط أو بحد أدنى المحافظة على مستوى الأسعار الحالية، وذلك في ظل عدم قدرة النفط الصخري الأمريكي على تعويض هذه التخفيضات المحتملة لدول أوبك، بسبب تكثيف المصافي الأمريكية طاقتها لتلبية الطلب المرتفع على الجازولين في فترة الصيف. ويؤكد الكثير من خبراء الطاقة على أن التكنولوجيا المستخدمة في قطاع النفط الصخري لاتزال في بدايتها حيث إن التطبيق الواسع لاستخدام تقنيات الحفر الأفقي والتكسير الهيدروليكي على تشكيلات التربة الصخرية لم يبدأ سوى منذ أقل من خمس سنوات، ومن ثم فإن أمام هذا القطاع الكثير من خطوات التطوير والتحديث بما يخفض كثيرًا من تكلفة الإنتاج الاستخراج ويزيد من حدة المنافسة.... بما يعني أن حرب أوبك مع النفط الصخري ما زالت في مراحلها الأولى ولا يستطيع أحد أن يتنبأ بمداها أو موعد انتهائها.