الطريق لا يزال طويلا والتحديات كثيرة تأتي أهمية الأعمال السينمائية وخاصة قطاع الأفلام في عصرنا الراهن من، أولا: فضائها الواسع في تحفيز الأفكار وتجويدها ومخاطبة المجتمعات الأخرى بلغة راقية، ثانيا: طرحها ومعالجتها لقضايا المجتمع الذي تعبر عنه بصيغ متعددة تحرك العواطف وتنمي الشعور بآلام الآخر والتجاوب الإيجابي مع معاناتهم، وترفع من قيمة العمل والشعور بالمسؤولية وتكشف عن الكثير من الأخطاء والممارسات غير المسؤولة وتمهد لمعالجتها وتصحيح المفاهيم المغلوطة ثالثا: تقدم صورة معبرة عن ثقافة المجتمع وموروثاته والمقومات التي تتمتع بها البلاد، رابعا: لما تحدثه من حراك ثقافي وإعلامي وفني واقتصادي ونشاط تجاري متعدد الصور يؤدي مع تطورها وخروجها من المحلية إلى الاقليمية فالعالمية لتصبح قطاعا اقتصاديا مهما يدعم موارد البلاد وعائدات صناعة السينما التي تنمو بشكل متواصل على المستوى العالمي. وتعتبر الهند أكبر منتج للأفلام (1200 فيلم في العام) مع مبيعات للتذاكر تصل إلى نحو(3 مليارات دولار وإيرادات تبلغ 8.1 مليار دولار). ويتوقع أن تتضاعف إيراداتها بمقدار (37.2 مليار دولار بحلول عام 2018، مسجلة نموا بمعدل سنوي مركب يبلغ 15 في المائة)، وذلك وفقا لتقرير صادر عن مؤسسة برايس ووتر هاوس كوبرز الاستشارية الهندية واتحاد الصناعات الهندية. فيما أعلن اتحاد صناعة السينما الأمريكية أن عائدات شباك التذاكر في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي نمت بمقدار(13بالمائة)، بفضل عائدات قوية حققتها بعض الأفلام، في حين أن صناعة السينما الأمريكية قد حققت في عام 2015م، عائدات قياسية بلغت (38.3 مليار دولار من بيع التذاكر). وقد نمت أسواق الأفلام على مستوى العالم بمقدار (5 بالمائة)، ووفقا لتصريحات كروستوفر دود رئيس اتحاد صناعة السينما الأمريكية، فإن النمو في عائدات شباك التذاكر يعود إلى النجاح القوي الذي حققته صناعة السينما على مستوى العالم خارج الولايات المتحدة، حيث بلغت 27.2 مليار دولار مدفوعة بالنمو القوي الذي حققته دور السينما في الصين والتي نمت بمقدار 50 بالمائة، إضافة إلى بلدان أخرى مثل الارجنتين وبريطانيا، مضيفا أن عائدات التذاكر نمت كذلك في الولايات المتحدة وكندا حيث زادت العائدات بمقدار 7.5 بالمائة لتصل إلى 11.1 مليار دولار. في حين أن الأفلام التركية لم تتمكن من منافسة الدراما التي اقتحمت البيوت في تركيا وخارجها وبالأخص في الدول الخليجية، بعد أن أضحى المسلسل التركي مادة أساسية في شاشات التلفزة العربية، فالأفلام التركية لم (تحقق عائدات مالية مجزية أو نجاحات كبيرة على غرار الأفلام الأمريكية التي تعرض في الصالات التركية). وما زالت بعض الأفلام المصرية تحقق إيرادات جيدة تجاوز بعضها ثلاثة ملايين جنيه، في حين أنها على المستوى العالم شهدت تراجعات بسبب الأحداث السياسية. والمتابع للأعمال الدرامية التي تنتجها وتسوق لها وتعرضها مؤسسات فنية وشبكات وقنوات إعلامية متخصصة في العديد من دول منطقة الخليج يلحظ مدى التطور الذي واكب هذه الأعمال ودرجة التقدم الذي وصلت إليه الدراما بشكل عام في كتابة النص وفي السيناريو وفي الأداء وفي الإخراج، استطاعت أن تستقطب مجموعة كبيرة من الممثلين من مختلف دول الخليج ودول عربية قدموا أدوارا نالت استحسان النقاد والمتابعين لتلك الأعمال التي تميزت بالجودة والقوة والعمق في معالجة العديد من القضايا والمشاكل التي تهم المجتمع الخليجي كقضايا المرأة وما تتعرض له من ممارسات من قبل المجتمع، وقضايا الفساد المستشري والظلم والتسلط والموروثات الخاطئة وتحكم السلطة سواء أكانت سلطة سياسية أم اجتماعية أم دينية وتأثير الثقافات الدخيلة والتطرق إلى العديد من الأحداث التاريخية المهمة، ولكن الطريق أمام دول الخليج لا يزال طويلا والتحديات كثيرة قبل أن تتمكن من انتاج أعمال سينمائية قادرة على تحقيق نسبة إيرادات مرضية خاصة في قطاع الأفلام الذي ظل انتاجه متواضعا ودون الطموح.