زمان كان رجال أمن الملاعب يعملون سياجات بشرية لمراقبة المشاغبين، فيكثر عدد الجنود الذين يديرون ظهورهم لملعب المباراة وعيونهم باتجاه المدرجات لمراقبة المشاغبين ومتعصبي الفريقين.. وقبل أن تضاف إلى مرافق الملاعب غرف الفار التي تراقب أخطاء الحكام وتصحح الخطير منها كان للمدرجات كاميرات يمكن العودة إليها للتعرف على المشجعين إذا تجاوزوا المسموح إلى الممنوع.. * واليوم صار الخروج على النص التشجيعي في حالة تنامي، ليس في مدرجات الملاعب الحديثة التي صممت بكفاءة تمنع إلتحام جمهور الفريقين وترصد وارد وشارد الشغب بكاميرات شديدة الدقة..! * إنتقلت أشكال الخروج على القواعد الرياضية إلى كافيهات المشاهدة والفضاء الإلكتروني لشبكات التواصل، وهو ما يمكن ملاحظته قبل وأثناء وبعد مباريات التنافس التقليدي بين كبار الأندية العالمية.. * وتظهر أشكال التعصب الرياضي بصورته الإلكترونية في صور توغر الصدور وتتعارض مع الروح الرياضية، مع تزايد أعداد من يعتقدون أن المباريات هي فرصة لاستعراض العلل والأوجاع الشخصية والمجتمعية.. * يغفل هؤلاء حسنة التمتع بالروح الرياضية وأن الإساءة للمختلف معك في الميول الرياضية طبيعة محكومة بكون لكل ذوق مايشتهي، وأنه لولا اختلاف الأذواق لبارت بقية الألوان والقمصان، وأن الرياضة وإن كان التفاعل من شروطها إلا انها تحتاج للتفريق بين حسنة التفاعل وبين الانفعال الذي يجعل المشجع يسيئ في منشور او تعليق أو دردشة كما حدث قبل وعقب مباراة ريال مدريد وبرشلونة الأخيرة والتي انتهت برباعية ملكية وهاتريك بن زيمه.. *والذي حدث في اكثر من دردشة تابعتها مؤخرا أنه لا الذين فازوا تواضعوا وكفُّوا عن الاستفزاز، ولا الذين خسروا ابتسموا واعترفوا بأن الفائز كان الأفضل، وأن الفرق الكبيرة بدون استثناء قد تصاب بالحمى أو نزلة البرد لكنها لاتموت.. * وبالنسبة لشخص تأخر التحاقه بالإعلام الإلكتروني وبلاوية غير المحكومة بقوانين واضحة في بلدان كثيرة ظهر التنابز بمفردات التعصب غريبا وغير مألوف، خاصة وأنه يصب طاقاته باتجاه أندية اجنبية فيستنزف مخزون المودة بين أهل الدار من الاصدقاء.. * يستخدم بعض الناشطين الرياضيين الفاظا قاسية تجاه الآخر، وصار لهم مع الاسف حضور يؤثر محتواه على آخرين.. بعضهم مع الأسف نقاد رياضيون اخذوا يجربون التعصب الإلكتروني استرضاء لجماهير هذا النادي او ذاك.. * ويبدو هذا الحال كما لو أن البعض انتقل من حالة قذف الحجارة وزجاجات المياه والهتاف ضد اللاعبين في مدرجات الماضي إلى قذف الكلمات المسيئة داخل فضاء وسائل التواصل الاجتماعي.. والنتيجة تحوُّل المباراة الممتعة إلى باعث لما هو مؤلم وينال من أبجديات الروح الرياضية ومكارم الأخلاق.. * وهنا لابد من التذكير بدور الاعلام في تغيير سلوك ومفاهيم التشجيع من جديد، والتأكيد الدائم على أن لا يكون المشجع حبيس شيطان التعصب والعاطفة في صورتها العدوانية التي تلحق الأذى بالأخرين وتغفل كون منتديات التواصل هي ملعب لعرض الأفكار، وليس فرضها بما هو نابي من الكلام.. * ليكن المشجع الرياضي متوقدا في مؤازرته لفريقه المفضل ولكن.. ما أروع الوعي بأن الروح الرياضية وأخلاقيات التعامل مع المنافسين تزيد من رصيد الفريق الذي نحبه في بنك الروح الرياضية وعدم التعصب بجهل ورعونه، منطلقين من دلالة قول رسولنا الكريم" إنَّما بُعثت لأتمِّم مكارم الأخلاق.." ودائماً.. لكل حديث بقية مادام هناك عُمْر..