ترفع العديد من السفن التي تُبحر في شتى البحار والمحيطات أعلام دول ذات سيادة تختلف عن الدول المالكة لها أو ما يعرف اصطلاحاً بأعلام الملاءمة «Flags of Convenience»، فلكل سفينة موطن وهو الميناء الذي سُجلت به والذي يُعتبر موطنها القانوني وحاملة لجنسيته، وهو الأمر الذي يقرره مالكها بناء على ما تمنحه كل جنسية من امتيازات. فاكتساب السفن لجنسية تلك الدول يكسبها المرونة في بعض التشريعات والقوانين المُطبقة بأعمالها، مما يجعلها من الجنسيات المُفضلة لملاكها، كالمرونة فيما يتعلق بالتوظيف وتوطين الوظائف ومستوى الأجور والعلاوات والمكافآت التقاعدية، والتي تعتبر ثاني أكبر تكلفة لملاك السفن بعد التزود بالوقود، مما يعني قدرة أعلى للتحكم بالتكاليف التشغيلية، وتوفير الإعفاءات الضريبية، بالإضافة إلى سهولة الحصول على مصادر التمويل، وهو عصب حركة الأنشطة البحرية، فالعديد من الشركات الحكومية والعائلية تتوجه نحو تسجيل سفنها بأعلام دول أجنبية لضمان سلاسة حصولها على التمويل اللازم لأنشطتها. فعند الحديث عن أساطيل السفن لابد أن نذكر مُلاك السفن اليونانيين المسيطرين على ما يقارب 20% من الأسطول العالمي من السفن بأسطول يزيد على أربعة آلاف سفينة مختلفة تتجاوز قيمتها المئة مليار دولار أمريكي، تليها اليابان وبقية الدول، وعند ذكر سفن نقل الغاز فتتربع قطر على صدارة القائمه كأكبر مالكة لسفن نقل الغاز حالياً، مع ذلك فإنهم جميعاً يفضلون رفع أعلام دول مثل بنما وجزر مارشال وليبيريا على سواريها والتي تحتل صدارة قائمة أكبر عشر دول من حيث عدد السفن الحاملة لأعلامها، وتمثل الدول العشر الأولى مجتمعة قرابة 74% من الأسطول العالمي للسفن من حيث الحمولة الإجمالية. وتُعد بنما وليبيريا وجزر مارشال حالياً الدول المفضلة لملاك السفن، حيث تمثل سفنها لوحدها قرابة 40% من الحمولة الكلية للأسطول التجاري العالمي، وقد نما إجمالي حجم حمولة الأسطول العالمي في العشر سنوات الماضية لضعف ما كان عليه بالعام 2005 متخطياً 1.2 مليار طن، وتحتل بنما حالياً صدارة القائمة بأسطول يزيد على 4800 سفينة وحجم 330 مليون حمولة ساكنة (dwt) تليها ليبيريا بأسطول يزيد على 2800 سفينة، تليها جزر مارشال بأسطول يزيد على 2500 سفينة، وتتمتع بنما بإقبال كبير من ملاك سفن الحاويات السائبة وليبيريا بسفن الحاويات التجارية وجزر مارشال للناقلات المختلفة. فخلافاً لكون أنشطة الشحن البحري العمود الفقري التي تقوم عليه اقتصادات الدول لتَحَكُّمها فيما يزيد على 85% من متطلبات الشحن العالمية، والإيرادات الضخمة التي تجنيها «دول العلم» من السفن التي أكسبَتها جنسيتها، فهي كذلك تُعزز من دورها في المُنظمات الدولية، حيث تُكسبها ثقلاً دولياً عند مُناقشة تطبيق تغييرات باللوائح والقوانين البحرية وهو ما يجعل دورها رئيسياً بتطبيقها، فالحديث عن دور دول العلم بهذا الشأن للمتعاملين بالقطاع الملاحي سواء من ملاك السفن أو السلطات التشريعية من المواضيع ذات الشجون والحديث عنها له بقية.