زاد تردد كلمة الشركات المتوسطة والصغيرة دون الوقوف على ماهية وتعريف تلك الشركات ( ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ)، صدق الله العظيم، إشارة وتوجيه وإرشاد عجيب في طيات السطور وبين الكلمات في القرآن الكريم، وذلك في إسقاطات أو اتجاهات عدة، منها ما رصدته في البعد التخطيطي والاقتصادي والتنموي، وهو ما يتعلق بآليات تكوين الأعمال وطرق البناء الأولية ووضع الهياكل التنظيمية ثم التوسع التدريجي بها، ولله دائما المثل الأعلى. وللناظر في سبب النزول للسورة الكريمة، كما ذُكر في تفسير القرطبي، وما اتفق عليه أنه عن ابن عباس أن اليهود أتت النبي، صلى الله عليه وسلم، فسألت عن خلق السموات والأرض، فقال: “خلق الله الأرض يوم الأحد والإثنين وخلق الجبال يوم الثلاثاء وخلق السموات يوم الأربعاء والخميس وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر”، قالت اليهود: ثم ماذا يا محمد، قال: “ثم استوى على العرش”، قالوا: قد أصبت، لو تممت ثم استراح، فغضب رسول الله غضباً شديداً، فنزلت: “وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ” [1]، والإسقاط هنا أنه وفي الآونة الأخيرة زاد تردد كلمة الشركات المتوسطة والصغيرة دون الوقوف بشكل كافٍ على ماهية وتعريف تلك الشركات، وما هي أهميتها للاقتصاد وأهم شيء كيف يتم تأسيسها، وبذلك تأتي المقاربة أولا، أنه بسبب حجم التحديات والمصاعب الكبيرة التي تواجهها مثل هذه الشركات كان لابد أن تبدأ بالتدريج البطيء نسبيا، سواء في حجم التأسيس الأولي أو في عدد المنتجات أو الخدمات التي تقدمها وأيضا في نوعية العملاء المستهدفين وأيضا التدرج شديد الحرص في الانتشار الجغرافي، وحتى في حال توفر الموارد المالية بشكل كبير أيضا لابد من التدرج في كل خطوة بغض النظر عن الوفرة المالية وذلك حتى يتسنى للقائمين على المشروع التأكد من نجاح الخطوة الأولى ومن ثم الانتقال إلى الخطوة التي تليها، ولكن آخذين بعين الاعتبار الأهمية الكبرى لعنصر الزمن وعدم هدره وإعطاء كل عنصر من عناصر التكوين المؤسساتي الوقت الذي بستحه، كما جاء جليا بوصفه تعالى في تسلسل الخلق ضمن تدرج نوعي حسب الأهمية المكانية وتدرج زمني محدد، علما بأن أمر الله لخلق أي شيء أن يقول له كن فيكون، ولكنها حكمة الله أن جعل لعباده منهجا ومثلا وله المثل الأعلى. وأي عمل يقوم دون تخطيط مسبق وتوزيع مهام على أسس زمنية مناسبة وحسب الأولويات المناسبة أيضا، فإن ذلك العمل سيفشل لا محالة بشكل نسبي. أما عن سبب إشارتي للمشاريع المتوسطة والصغيرة، لأن لها مشاكل وتحديات أكبر وأكثر تعقيدا من الشركات الكبيرة، لذا لابد من التعامل معها بطريقة أكثر حساسية، ولابد من تقديم الاستشارات والنصح والإرشاد للقائمين عليها وبشكل مستمر ومنتظم. أما عن أهميتها فهي تأتي بمفاصل صغيرة تستطيع أن تنعش الاقتصاد والناتج المحلي الإجمالي تحديدا بطريقة لا تستطيع الحكومات ولا القطاعات الكبيرة أن تدخل بها بنجاح وتأثير مشابه.