ارتفاع النسب في الدول الغربية يدفع بالمواطن إلى تهريب أمواله 25% من الإيرادات الضرائبية العالمية تهرب إلى الجنات سنويا. هنالك خسارة سنوية لدول الوحدة الأوروبية تقدر بألف مليار دولار تغادر الى الجنات المذكورة. تخسر فرنسا وحدها ما بين 60 و80 مليار يورو أو 15% من الايرادات الضرائبية السنوية. تشير المعلومات إلى أن بعض المصارف الفرنسية يحقق 10% من أعماله في النشاطات المرتبطة بالجنات الضرائبية. فهي نشاطات مربحة لأنها لا تحتاج إلى يد عاملة عديدة. لا شك أن الأرقام تبقى غير دقيقة لأن العالم يتعامل مع منظمات إجرامية مجهزة تقنيا وبشريا بأفضل المعدات وربما العقول. لا شك أن الموازنات تحتاج الى هذه الأموال لمعالجة أوضاع الدول الداخلية. لذا في آخر السنة الماضية، وقعت 62 دولة اتفاقية لمحاربة التهرب الضرائبي من قبل الشركات الكبيرة والمتعددة الجنسيات تحديدا. يدخل فيها التعاون للتأكد من صحة الأرقام وبالتالي الوصول إلى معلومات دقيقة عن القيمة وأماكن التوزيع وطرق التهريب. كيف يمكن عمليا مكافحة التهرب الضرائبي؟ أولا: هل يجب محاربة الجنات الضرائبية مباشرة عبر كل الوسائل والضغوط المتوافرة. هل الجنات مذنبة وهل من واجبها منع قدوم أموال آتية من الدول الغربية؟ هل تكون الجنات الضرائبية مجندة لخدمة موازنات الدول الغربية؟ أو هل تقوم بالدفاع عن مصالحها وحقوق مواطنيها؟ لا تقوم الجنات عموما بنشاطات جاذبة للأموال، انما تشكل الملجأ الآمن لها. ثانيا: لماذا لا ينظر مثلا إلى أسباب التهرب الضرائبي؟ هل هذا التصرف مزاجي أم له مصادره المالية والاقتصادية والمنطقية؟ ارتفاع النسب الضرائبية في الدول الغربية يدفع بالمواطن إلى تهريب أمواله. لماذا لا تكون محاربة الجنات عبر تخفيف النسب الضرائبية وبالتالي يختفي الدافع للتهريب وتبقى الأموال في الداخل. أليست هي طريقة أسهل وأفعل وأقل تكلفة تؤدي الى رفع الايرادات دون مواجهة دول صغيرة معظمها جزر فقيرة تفتقر الى المواد الأولية والنشاطات الاقتصادية العادية الكافية؟ طبعا لا تقتصر محاربة الفساد على معالجة واقع الجنات الضرائبية. فهنالك تجارة المخدرات التي تحقق ايرادات سنوية بقيمة 320 مليار دولار. انتاج أفغانستان في حدود 6400 طن من الأفيون مدهش في حجمه وطرق توزيعه على كل دول العالم بالرغم من وجود جيوش في هذه الدولة التي تعاني منذ عقود. هنالك إنتاج كبير في بعض الدول الآسيوية منها ميانمار ولاوس وغيرها يأخذ طريقه الى الخارج. هل يجب وضع الملامة على العرض أم على طالب السلعة؟ لماذا يقوم المجتمع الدولي بتوجيه التهمة دائما الى المنتج الفقير ولا تجري المحاسبة الذاتية بنفس الدقة والصرامة والجدية؟ لا شك أن هنالك شبكات دولية مجرمة تستفيد من تجارة المخدرات انتاجا وتوزيعا في معظم المدن. ان مشكلة المخدرات ليس فقط مالية وقانونية وقضائية وانما أيضا وخاصة مشكلة صحية وأخلاقية تضرب المجتمعات في عقر دارها. لا يمكن تجاهل الجرائم الالكترونية التي تقدر سنويا بـ 445 مليار دولار والتي تدمر الحواسب وتخلط البريد وتسبب المشاكل فيما بين المواطنين والشركات. المشكلة معقدة لأن من يقوم بالاجرام الالكتروني هو خبير بها، وربما يتمتع بكفاءة أعلى من الذي يراقبه. من الصعب السيطرة على هذه الأعمال لأنها مربحة وتجذب التقنيين والعديد منهم من الأجيال الصاعدة. هنالك تحد كبير يواجه اليوم النظام الاقتصادي العالمي من داخله. إما أن ينتصر على الفساد والفاسدين وإما سيخضع لهم وبالتالي تتغير معالم الحياة. المطلوب بناء الثقة دوليا وليس نشر الخوف كما يحصل اليوم. الإرباك الحالي يضر بالنمو وبمستقبل الشباب والشابات.