معظم مشاكل الدول حاليا تنبع من سوء المساواة، أي من عدم احترام مصالح وحقوق ومشاعر جميع المواطنين وخاصة الفقراء. ينتج عن هذا الواقع اضطرابات اجتماعية لا تقتصر على التظاهر بل تؤثر على هوية الحكومات ومستقبل الدول. فالمساواة بين انسان وآخر ضرورية لكنها صعبة بالرغم من انها الهدف العلني لكل المجتمعات. هنالك مساواة سياسية انتخابية يجب أن تتم وتؤثر على ادارة الدول ومستقبلها. هنالك مساواة اجتماعية تساهم في تخفيف الفجوات المادية وتقوية العلاقة بين المواطن وحكومته. هنالك المساواة الانسانية بين المواطنين وهذا مهم ويتعدى المادة ليصل الى النفسية والحقوق والواجبات واحترام الآخرين. هنالك العدالة الاقتصادية بحيث يحصل المواطن على حقوقه تبعا لإنتاجيته وربما أحيانا لحاجاته اذا كانت هنالك عوائق اصطناعية في وجهه. المساواة في وطن واحد بين الرجل والمرأة وبين كافة الأعراق والأجناس والمناطق والديانات تبقى هدفا أخلاقيا، الا أنه صعب التحقيق بسبب المصالح والثقافات الموروثة والعنصريات وكافة الوقائع المحلية السلبية. تسعى الدول الصناعية منذ عقود الى تحقيق المساواة داخل مجتمعاتها. حصل تقدم كبير، الا أن العدالة ليست كاملة ولا بد من تعزيزها. في أوروبا والولايات المتحدة وبين سنتي 1987 و2017، زادت ثروات الأغنياء 8,9% سنويا في وقت لم تزدد ثروات الأكثر فقرا الا 4% مما يشير الى توسع الفجوة مع الوقت. ليس المطلوب المساواة الكاملة في الثروات أو الدخل لأن هذا مستحيل، اذ حاولت الأنظمة الشيوعية تحقيقها دون جدوى بل فشلت وزالت من الوجود أهمها الاتحاد السوفياتي. الصين دولة تعتمد النظام الاقتصادي الحر وهنالك دول أخرى تعتمد فقط الاشتراكية السياسية كما الرأسمالية الاقتصادية. فالمساواة لم تتحقق بعد عالميا وتبقى هدفا طويل الأمد. هنالك فجوات كبيرة بين الدول كما داخل كل دولة تختلف حدتها من فترة لأخرى. المساواة الكاملة ربما نظرية وربما أيضا غير مرغوب بها لأنها تقتل المنافسة وتسيء للانتاجية وتؤخر النمو الاقتصادي العام. هنالك وقائع مهمة بالنسبة للمساواة الاقتصادية في الدول التي تعتمد النظام الاقتصادي الحر. ما زالت الاحصائيات الكاملة بالنسبة للفجوات المادية غائبة بالرغم من التقدم التكنولوجي الكبير. في الدول النامية والناشئة، هنالك عجز في اصدار احصائيات واضحة بشأن الفقر ربما لأسباب سياسية أيضا. مواضيع الفقر تخيف الحكومات التي تحاول تجنبها لأنها ربما جاهلة لتقنيات المواجهة أو ترغب في تأجيلها ارضاء للجهات المستفيدة من الأوضاع القائمة. فالرأسمال المالي موجود مع أقلية تستثمره وبعيد عن أكثرية غير قادرة على الحصول عليه. الفجوة المادية موجودة اليوم. كلما كبرت، كلما تعثر النمو العام وضاقت الفرص أمام المواطنين للتقدم ماديا. تعادل الفرص بشأن التعليم والصحة للجميع يؤثر ايجابا على المساواة وعلى التنمية الاجتماعية. أما الفجوة بين الرجال والنساء فانحدرت عالميا في السنوات المادية لكنها تبقى واسعة في كل المجالات وخاصة السياسي. كذلك الأمر بالنسبة للفجوة بين الأعراق التي توسعت مؤخرا بسبب عمليات الهجرة واللجوء.