التوقيع.. ليس دائماً حجة قانونية قوية

تختلف الأوراق التي يوقع عليها الأطراف المعنية باختلاف طبيعة الوثيقة والصفة القانونية للشخص الموقع، وتكون الالتزامات والديون المتبادلة بين الأطراف ثابتة في حقهم إذا ورد توقيعهم الشخصي عليها، لكن تختلف القوة الثبوتية للوثائق المكتوبة والموقعة من الأطراف بحسب طبيعتها ونوعيتها وصفة من أثبت حجيتها، حيث قد تكون محررات عرفية صادرة عن الأشخاص المعنيين بالمعاملة، ويجوز استخدامها في مواجهة بعضهم البعض، أو قد تكون بمثابة مراسلات بين الطرفين أو دفاتر تجارية وغير ذلك، كما قد تكون الوثيقة المكتوبة محررا رسميا يعتبر في حكم القانون هو الاقوى من حيث الحجية القانونية.     تعرف المادة 216 من قانون المرافعات المدنية والتجارية المحرر الرسمي بأنه محرر يثبت فيه موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما يتم على يديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن وذلك طبقا للأوضاع القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه. عليه تكون للوثيقة المكتوبة صفة المحرر الرسمي اذا توافرت فيها مجموعة من الشروط: أولا: أن تكون الورقة صادرة أو موقعة من موظف عام وشخص مكلف بخدمة عامة، بمعنى أن المعلومات والمعطيات المضمنة في المحرر الرسمي يجب أن تصدر عن موظف بجهة حكومية أو مكلف بقطاع عام، أما إذا صدرت عن فرد من المجتمع أو موظف لكن لا يحمل صفة الموظف العام وليست لديه صفة التكليف بالخدمة العامة فإن المحرر لا يمكن اعتباره محررا رسميا. ثانيا: أن يكون قد تم طبقا للأوضاع القانونية، والمقصود من ذلك أنه لا يكفي مجرد صدوره عن موظف حكومي تم تكليفه بحكم وظيفته بخدمة عامة، بل يجب أن يكون قد تم ذلك بالتوافق مع المقتضيات القانونية اللازمة، أي أن المحرر الذي يصدره موظف عام يجب أن يكون قانونيا، ولا يحمل مضمونا لا يسمح به القانون، ففي هذه الحالة حتى لو كان من أصدره مكلفا بتلك الخدمة، فإن المحرر لا يعد رسميا لوروده مخالفا للأوضاع القانونية. ثالثا: أن يكون المحرر الرسمي الصادر عن موظف عام طبقا للقوانين والأنظمة قد صدر عن الموظف في إطار حدود سلطته والصلاحيات المخولة له، أما إذا تعدى الموظف العام نطاق اختصاصه فلا تصبح لذلك المحرر صفة الرسمية، بل قد يعتبر في نظر القانون كأن لم يكن.     ومن هذه التفريقات القانونية بين قوة المستندات المكتوبة، يظهر الفرق في أن المستندات العرفية المكتوبة والموقعة بين الأطراف تقوم حجة بينهما، أما المستندات المكتوبة ذات صفة محرر رسمية تقوم حجة على أطرافها وعلى الغير كذلك، ولا يجوز الطعن في صحتها إلا بالتزوير وفق الطريق القانوني المقرر.     ولا تنصرف صفة الرسمية للصورة الضوئية المأخوذة عن المستند الرسمي ذاته، فهي في نظر القانون مجرد مستند عرفي يحمل نفس الأثر القانوني الذي تحمله الأوراق المكتوبة الموقعة من الأفراد، وتطبق عليها الأحكام القانونية المطبعة على الأوراق العرفية.