في الطريق إلى قونيا التركية..!

بسبب معوقات السفر جواً من العاصمة اليمنية صنعاء كإحدى تداعيات الحرب والحصار، اضطررت - شأن معظم اليمنيين- للسفر من مطار عدن جنوب اليمن، وكانت وجهتي مدينة قونيا التركية لحضور دورة ألعاب التضامن الاسلامية التي تقام هناك للفترة من 9 الى 18 من اغسطس الجاري.. * في الطريق من صنعاء إلى عدن احتجت إلى 12 ساعة سفر عبر طرق برية طويلة وصعبة، بفعل ما أصاب الخط الاسفلتي من خراب من جهة وانعكاس حالة الحرب في اليمن وتداعياتها على كل شيئ، ومنها كثرة النقاط الأمنية حيث يظهر المسافرون كما لو أنهم يستنسخون طريق (رأس الرجاء الصالح) قبل حفر المصريين لقناة السويس..  * عبرت السيارة ذات الدفع الرباعي التي حملتنا عليها جبالا شاهقة وأودية سحيقة ممتلئة بالأحجار ومياه السيول الناتجة عن صيف اليمن الماطر، وعلى ما في الرحلة من المعاناة والشقاء هان كل شيئ أمام ايجابيتين.. الأولى.. حالة الاستمتاع برياضة التأمل في رباعية جبال تزاحم السحب، والخضرة، والماء، والوجوه الحسنة. والمشهد الثاني.. منظر الأطفال اليمنيين وهم يستغلون المساحات الترابية على جانبي الطريق لممارسة كرة القدم في حماسة لافتة، غير مبالين بما يعترضهم ويعيق حركتهم من أحجار واشواك وساحات لعب غير مستوية.. * كانت المشاهد الرياضية للفتيان من النوع الذي يخفف عليك المشقة ويجدد انتماءك إلى أمل رياضي رغم عاديات زمن الحرب وانعكاسها على تفاصيل كثيرة في حياة يمنيين يدفعون فواتير الاحتراب من حياتهم وارزاقهم وأعصابهم -حتى لا أقول وعقولهم- ويصعب حصر الأوجاع على المتابع من بعيد، لأنه وحسب تعبير اغنية تراثية يمنية ( ما تحرق النار إلا رجل واطيها) * وفيما كانت السيارة تنهب جبالا وسهولا نحو جنوب اليمن سيطرت علي كمشتغل في الكتابة والنقد الرياضي هواجس أسئلة استنكارية على نحو، كيف تحتضن بلاد العربية السعيدة سابقا بحرين( الأحمر والعربي..) ونرى جوارها الشرق افريقي غير الغني يصنع نجوم العاب القوى مستفيدا من الحالة الجغرافية المشابهة لليمن فيما لانزال نطارد بأنفس متقطعة لاهثة ما يمكن أن تجود به منتخبات كرة القدم للناشئين من إشراقة فوز هنا أو هناك بعامل مواهب فطرية سرعان ما تختفي مع كل زيادة في اعمار اللاعبين وسط مناخ رياضي لا يراعي ابجديات ومقومات صناعة البطل، وعدم ادراك حقيقة انك اذا لم تتقدم فأنت تتراجع..! * وسيرا على القول (يموت الزمار واصابعه تتحرك) سرح بي خيال امنيات في العقل الحاضر وفي اللاشعور فوقعت أسير أسئلة يمنية ظهرت معها كما لو انني اسأل الأسئلة الغلط وانتظر الاجابات الصحيحة، مع أن للسؤال الخطأ اجابته الخاطئة..!  * وبالنسبة لبلد لم يتحرك قطاره الرياضي كما يجب، فإن على المؤسسات الرسمية والأهلية احداث ثورة في قناعات نراها تتفاعل وتختمر في نفوس جمهور يمني يتفوق عددا وحماسة على أصحاب الأرض في منافسات تقام في المنطقة ويكون طرفها فريق يمني، وتكمن البداية في توظيف حالة شغف الناشئة في المدن والأرياف والذي تراه وانت تعبر فيثري مخزونك البصري بثراء وخيال فتيان يتوقدون حماسا للرياضة.. * والمطلوب أن يكون هناك لجان اكتشاف ورصد لكل موهبة، واختيار الناشئ القوي صاحب التكوين الجسماني المناسب وصاحب المهارات، ومن الواجب اعادة الرياضة المدرسية بعدما أصابها من غياب وتجفيف دونما إدراك بأن حصة الرياضة والدوري المدرسي تشكلان البدايات المنظمة في طريق المميزين من اللاعبين الى الأندية والمنتخبات الوطنية.. * ومن يقرأ تاريخ نجوم الأمس سيقف على حقيقة أن اللحاق بالركب الرياضي ممكن التحقيق اذا ما ادركنا ان بدايات الكثير من النجوم والفرق الذهبية بدأت منذ الطفولة وفي ملاعب ترابية في الأحياء والارياف وعلى الشواطئ.. * ودائما.. لاغنى عن حوارات مجتمعية ترسخ قيمة الرياضة وتربطها بالصحة والحياة والتطور بجدية ودون تسطيح، وربط المقدمات بالنتائج..