بين حلم الآخرة وشهوة الدنيا، بين تاريخ الأمة وواقع الحال، بين أصوات باعة الحلوى المتجولين في ازقة الماضي وأصوات صفارات إنذار قصف الطائرات في سماء فلسطين، بين ماض يشبه الحاضر وحاضر يأبى ان يصبح من الماضي ليطوي صفحة الزمان التي طالت حتى اختلط حبرها بحبات الندى الى ان تعذر قراءتها، على امتداد العالم الاسلامي الكبير توحدنا جميعاً شعيرة الصيام، او هكذا هو الهدف منها، ليختلف الإحساس بالانتماء الى آلامه من مكان لآخر ومن زمن لآخر، ويقع السؤال في النفس ان ما هو الشعور الصحيح الذي يجب ان نحس به ولا نشعر معه بالحرج؟، هل هو شعور السعادة بقدوم الشهر الفضيل وجمع الأسرة حول مائدة الإفطار، ام هل هو شعور المشاركة مع فقراء آلامه الذين لا يجدون ما يصومون عنه ناهيك ان يجدوا ما يفطروا عليه اذا صاموا، ام شعور المشاركة مع ابناء الأمة المنكوبين على طول وطننا العربي وحتى في بعض الأحيان في عالمنا الاسلامي، بين قسوة قلوب بعضهم على بعض او بمن هم تحت سياط الاحتلال الصهيوني، انني لا اجد أيا من تلك المشاعر يصلح للمرحلة الراهنة، بل انه اصبح لزاماً ان نطور معايير وأنواع المشاعر حتى تتناسب مع الذي نعيشه، وهو مزيج بين السعادة والحزن والوطنية والإسلام والماضي والحاضر ليكون هذا هو النوع الجديد من المشاعر التي تبقينا في حالة الوعي والقبول والتأهب والمناورة والفهم المغشوش والقبول المشروط، فرمضان لاشك استراحة من التقصير ومخزن للأجر ومحطة لإعادة ضبط الذات بعد الكثير من التشويش خلال العام، وكأننا نعود الى منصة الإطلاق لنعيد التزود بالوقود لنبدأ الرحلة من جديد والجديد هنا بمعنى اعادة النظر بكل ما هو قائم وتقييمه من جديد واستبدال ما هو غير صالح بما هو مفيد وإعادة التجربة من جديد لكن مع التعلم من الماضي واستبدال الأدوات وتغيير الخطط لعل النتائج تكون احسن حالاً، انني لا أعي المعنى الشمولي الحقيقي لكلمة الخير ولكن لعل ما يقسمه الله لنا هو الخير دون الدخول في التفاصيل، وعليه أقول كل رمضان وآلامه بخير، وإلى أن نلتقي تحية.