يتكون العالم منا نحن البشر العاقلين من جهة ومن باقي المخلوقات، جمادات وحيوانات، من جهة أخرى، وافترض أننا جميعا نفترض أننا نحن من يشكل النظام في هذا العالم وأننا من يصنع النظام لباقي الموجودات، وللوقوف على ذلك دعونا نطلع على أبسط تعاريف النظام وهو في تعريفه البسيط «مجموعة عناصر متفاعلة فيما بينها، لأجل تحقيق هدف معين. فلا يكون النّظام نظاماً في وجود شيء واحد أو أمرٍ فردي، لابد من وجود أكثر من طرف حتى يتكوَّن النّظام». وبالنظر إلى فقرة مجموعة عناصر يفترض أن تكون كافة البشرية هي تلك العناصر متكاملة وأن يكون لديها هدف جماعي شمولي يحقق المصلحة التي يفترض بها أن تكون تكاملية نظراً لتوحد الأهداف، هذا هو التصور المنطقي الطبيعي للنظام البشري الذكي. وفي المقابل تعتبر باقي مكونات الكون من حيوانات وجمادات توابع للنظام الذكي البشري، أو على الأقل هذا ما نفترضه نحن، ولكن وبالأخذ بعين الاعتبار أننا كبشر آخر من ورد على هذا الكوكب وأيضاً تاريخ الأنظمة البشرية أو شبه الأنظمة حسب التعريف سالف الذكر فإن تلك الأنظمة وما زالت تنتج في المحصلة الشمولية الفوضى ولا تحقق الأهداف التكاملية الشمولية للجنس البشري، بينما تحافظ الجمادات بكل مكوناتها على نظام تكاملي شمولي يضمن سير هذا الكون بمكوناته المادية طبعا بإرادة إلهية. وهذا يثبت حقيقة واضحة أننا نحن من يكون الفوضى على هذا الكوكب، ليس لأنفسنا فقط، بل بدأت فوضتنا تتعدانا لتؤثر على باقي المكونات، وعليه إذا أردنا التفكير الجاد في الحلول لابد من دراسة الأسباب الأساسية، وهي في أصلها حرية الخيار وتعدد الأهداف والتقسيم البشري، أدت إلى وجود أهداف متعارضة، وهنا أؤكد على حرية الأهداف بشرط توحيد النتائج في الصالح العام، فلما كانت حرية الخيار موجودة أدى ذلك إلى التحزب والتعنصر وتكون القوميات المتناحرة والطبقات المستقلة، والكثير الكثير من أشكال الوحدات ذات المصالح المشتركة وصولا إلى أصغر مكونات المجتمع وهي العائلة، وهنا أعيد التأكيد على أنه لا ضير من ذلك إذا كانت الأهداف شمولية تكاملية. أما بالنسبة للحلول المقترحة في ظل الانفجار السكاني والتشوه الفكري السائد عالميا، فهو إعادة صياغة مفهوم المصلحة العامة التكاملية على مستوى الدول ورفع درجة أهمية فهم تلك المصلحة لتكون أساس المواطنة والانتماء بحيث إن أي خرق أو تهاون في تطبيق المصلحة العامة يعتبر تعديا على كيان الدولة، بمعنى أن كافة المهن والوظائف والمصانع ومزودي الخدمات وكل من يساهم في الناتج الإجمالي القومي هو مسؤول مسؤولية مباشرة من خلال عمله على تحقيق المصلحة العامة كما تراها الدولة، وأخيراً إن مفهوم الحريات العامة وجد حتى يدعم مبدأ المساهمة الفاعلة والإيجابية في صالح المجتمع وأي إخلال في استخدامها يقود حتما إلى عكس ما وجدت من أجله، نحن نؤمن بالدور الجماعي في البناء ولكن عند توحد الإرادة ووضوح الهدف، وإلى أن نلتقي تحية وإلى لقاء.