رمن المبادئ المستقر عليها في العمل القضائي أنه في حال عدم تقبل أطراف الدعوى نتيجة الحكم الصادرة عن محكمة أول درجة يحق لهم تقديم طعن بالاستئناف ضد ذلك الحكم إذا كان يسمح القانون بذلك، ويكون الاستئناف في هذه الحالة بمثابة فرصة جديدة لبسط أوجه الدفاع في الدعوى ومراجعة الأخطاء التي يعتبرها الطرف المتضرر من الحكم بمثابة سبب من الأسباب التي تخوله الطعن بالاستئناف، وفي هذه الحالة تكون محكمة الاستئناف مخولة بإعادة مسار الدعوى من نقطة الصفر في حدود طلبات الطرف المستأنف وتعيد نظر وقائع وأسانيد الدعوى من جديد، ويسمى دورها في الاصطلاح القانوني بمثابة "الأثر الناقل للاستئناف بالنسبة للدعوى". ويتم تقديم الطعن بالاستئناف وفق الإجراءات المقررة لرفع الدعوى، وذلك بإيداع صحيفة بأسباب الاستئناف بقلم كتاب المحكمة، أوعبر البوابة الإلكترونية للمحاكم، وذلك خلال الميعاد المقرر قانونا، والمحدد في ثلاثين يوما من صدور الحكم بالنسبة للدعاوى المدنية بالمفهوم الشامل –دعاوى مدنية ودعاوى أسرة وتركات–، وإذا كان الطعن بالاستئناف حق مخول لكل طرف في الدعوى، فهنالك حالات يكون جميع الأطراف غير راضين عن حكم أول درجة، وكل منهم يقدم طعنه بالاستئناف استنادا إلى أسباب مختلفة، فما هي الأحكام القانونية المقررة بالنسبة للاستئناف الذي يرفع بعد تقديم أول طعن بالاستئناف في الدعوى؟ يعتبر الطعن بالاستئناف المرفوع في مواجهة حكم أول درجة وفق الإجراءات القانونية المتبعة وداخل الميعاد القانوني المقرر استئنافا أصليا، أما الاستئناف المرفوع لاحقا فهو إما استئناف مقابل أو استئناف فرعي، وكلاهما له نفس الأثر القانوني للاستئناف الأصلي مع الاختلاف في بعض المراكز القانونية. في الاستئناف المقابل يكون الطرف المستأنف دائما قد رفع استئنافه بتاريخ لاحق للاستئناف الأصلي، ولكن داخل الميعاد المقرر قانونا، أي قبل فوات مدة ثلاثين يوما المذكورة سابقا، ويجب كذلك أن يرفع بواسطة صحيفة تودع قلم كتاب المحكمة، وتتضمن أسباب الاستئناف وتعلن قانونا للخصوم، ويتحدد للاستئناف المقابل رقما ترتيبيا وميعاد جلسة، وجرى العمل القضائي أن يتم نظر الاستئناف المقابل مستقلا عن الاستئناف الأصلي في أول جلسة، ثم يتم الحكم بضم الاستئناف المقابل للاستئناف الأصلي لوحدة الأطراف والأسباب والموضوع، ويعطى للاستئنافين رقم الاستئناف الأصلي ويصدر فيهما حكما واحدا، لكنهما مع ذلك يظلان مستقلان من حيث الوجود، بحيث لا يؤثر الاستئناف الأصلي على المقابل، ولا يزول بزواله، مثل الحالة التي يطلب رافع الاستئناف الأصلي ترك الاستئناف المقابل فعندئذ يتم الاستمرار في الاستئناف المقابل وحده، ولا يعتبر بدوره متروكا. أما الاستئناف الفرعي فهو الذي يتم رفعه وفق الإجراءات المتبعة بالنسبة للاستئنافين الأصلي والمقابل، لكنه يرفع خارج الميعاد القانوني المقرر وبشرط وجود استئناف أصلي، بمعنى أن طرف الدعوى لكي يقبل استئنافه الفرعي الذي قدمه بعد فوات الميعاد القانوني المقرر للطعن بالاستئناف، يجب أن يكون هنالك استئنافا أصليا سبق تقديمه داخل الميعاد المقرر من قبل طرف آخر من أطراف الدعوى، لأنه في حال عدم وجوده يعتبر الاستئناف غير مقبول للتقرير به خارج المدة القانونية المقررة. وجرت العادة أن يرفع الطعن بالاستئناف الفرعي بواسطة مذكرة يتم تقديمها يوم الجلسة المقررة لنظر الاستئناف الأصلي بشرط أن تكون صحيفة الاستئناف الفرعي مؤشر عليها من المحكمة، حتى يتم السماح بنظره مع الاستئناف الأصلي، ويترتب عن ذلك أن يكون للمستأنف الفرعي الحق في تقديم أوجه دفاعه والتمسك بطلباته المقدمة خلال المرحلة الابتدائية ويبين ضمن صحيفته أسباب استئناف الحكم، كما يترتب عن ذلك أن يصبح الاستئناف الفرعي تابعا للاستئناف الأصلي وجودا وعدما، على سبيل المثال إذا كان الاستئناف الأصلي باطلا اعتبر الفرعي باطلا كذلك، وإذا تم تقديم طلب ترك الاستئناف من قبل المستأنف الأصلي تم الحكم بترك الاستئناف الفرعي كذلك.