عمالة الأطفال

ينعقد في الرابع عشر والخامس عشر من الشهر الجاري المؤتمر العالمي للقضاء التضامني على عمالة الأطفال بمدينة يونيس إيرس الأرجنتينية، مهتما بقضية إنسانية غاية في الخطورة هي القضاء على ظاهرة عمالة الأطفال، وأيا كانت النتائج التي ستتمخض عنه فهي لن تعدو أن تكون خطوة صغيرة في طريق طويل لم يبدأ بها ولن ينتهي عندها. تقول تقارير منظمة الأمم المتحدة للأطفال «اليونيسف» إن هناك حوالي 150 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 أعوام و14 عاماً في البلدان النامية، وحوالي 16 في المائة من جميع الأطفال في هذه الفئة العمرية، يعملون. هذه النسبة المخيفة تقول بكل وضوح إنه بين كل ستة أطفال في الكوكب هناك خمسة يذهبون إلى المدرسة بينما يذهب السادس للعمل بلا أي استعداد نفسي أو مؤهلات بدنية وعقلية وأن هذه النسبة تزيد في الدول الفقيرة والنامية وتقل في الدول الغنية والمتقدمة. إحصائيات المنظمة الأممية الأخرى المعنية بالأمر، منظمة العمل الدولية، تؤكد هذه الحقيقة المرة بملامح أشد دقة. إذ تقول إن هناك نحو 215 مليون طفل دون سن 18 عاماً يعملون ويعمل كثير منهم بدوام كامل، في جميع أنحاء العالم. وفي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى يعمل واحد من كل 4 أطفال تتراوح أعمارهم بين 5 أعوام 17 عاماً، مقارنة بواحد من كل 8 أطفال في آسيا والمحيط الهادئ وواحد من كل 10 أطفال في أمريكا اللاتينية. الطريق إلى القضاء المبرم على ظاهرة تشغيل الأطفال لم يبدأ ولن ينتهي بالمؤتمر المزمع عقده منتصف الشهر كما أن اجتثاث انخراط الأطفال في العمل بدلا من التعليم لا يمكن أن يتم فقط بإصدار التشريعات والقوانين والمزيد منها كل مرة، فمنذ أن نصت الفقرة الأولى من المادة الثانية والثلاثين للاتفاقية الدولية لحماية حقوق الأطفال على (الاعتراف بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون مضراً أو يمثل عائقا عن التعليم أو ذي تأثير سلبي على صحة الطفل أو نموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي)، سنت كثير من القوانين والتشريعات الإقليمية والقطرية، إلا أن التجارب أثبتت أنها لا تكفي وحدها لتحقيق الهدف المنشود وإن أسهمت بشكل لا بأس به في الحد من انتشار الظاهرة. الصورة القاتمة التي تسرف في التبدي والظهور تقول لنا إن بذل أقصى الجهود للتبصير ورفع الوعي بجوهر المسألة يظل مطلوبا دائما وبشدة حتى يترسخ في ذهن كل فرد في عالمنا أن مزاولة أي طفل دون سن الثامنة عشرة لأي نشاط اقتصادي مستمر يدر عليه أو على غيره مالا هو أمر فيه من الضرر العام والخاص أكثر بكثير مما فيه من الفائدة. اللهم إلا ما كان محدودا ولأغراض التدريب ولا يتعارض مع تحصيله الدراسي.