التأثر المصري بالفيروس بالربع الأول

أشارت بيانات ميزان المدفوعات المصرى للربع الأول من العام الحالى، لتحقيق عجز بالميزان الكلى للمدفوعات بلغ حوالى 5 مليارات دولار، وهو معدل فصلى للعجز لم يحدث منذ عدة سنوات، كفرق بين المدفوعات للخارج البالغة حوالى 34 مليار دولار، والموارد من العملات الأجنبية البالغة حوالى 29 مليار دولار.  وربما يرى البعض أن فترة الربع الأول من العام غير كافية للدلالة على حجم الخسائر التى لحقت بمصر نتيجة أزمة الفيروس، حيث أنها بدأت بتعليق الفعاليات التى تتطلب تواجد تجمعات كبيرة من المواطنين فى التاسع من مارس، وقامت بتيسيرات للعاملين بالحكومة بالحضور بالسادس عشر من مارس، وعلقت حركة الطيران بجميع المطارات بالتاسع عشر من مارس. إلا أن الإندفاع الحاد لخروج الإستثمارات غير المباشرة للأجانب، خلال بيعهم لأدوات الدين الحكومى من أذون وسندات خزانة وأسهم بالبورصة المصرية، قد سحب كثيرا من الأرصدة الدولارية، الأمر الذى أدى لإنخفاض إحتياطيات النقد الأجنبى بالبنك المركزى بنحو 5.4 مليار دولار بشهر مارس، كما إنخفض صافى الأصول الأجنبية - العملات - بالبنوك من 7.877 مليار دولار بشهر فبراير، الى سالب 3.472 مليار بمارس أى بإنخفاض 11.3 مليار دولار بشهر واحد.  وهكذا يمكن القول أن هناك قطاعات إقتصادية قد لحقها الضرر بالربع الأول أبرزها الإستثمارات الأجنبية غير المباشرة، كما إنخفض صافى الإستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 58.5 % بالمقارنة بالربع الأول من العام الماضى، وإنخفصت متحصلات عوائد الإستثمار بالخارج بنسبة 30 % والايرادات السياحية 11 % والصادرات البترولية 9 % و والمعونات بنسبة 75 %.  بينما لم يلحق الضرر بقطاعات مثل تحويلات المصريين العاملين بالخارج التى زادت بنسبة 28 %، وكذلك زيادة الصادرات غير البترولية 7 % وإيرادات قناة السويس 4 %.  لكن المشهد قد تغير بالنسبة لتلك القطاعات فيما بعد شهر مارس، حيث إنخفضت قيمة الصادرات السلعية من نسبة 18 % بمارس الى 32 % بأبريل والى 41 % بمايو، وأعلنت هيئة قناة السويس تراجع الإيرادات بالنصف الأول من العام، وعاد لمصر أكثر من 77 ألف مصرى كانوا يعملون بالخارج، وتعثرت أحوال كثير ممن بقوا أو لم يستطيعوا العودة.  وهكذا فإن الصورة الواضحة للتداعيات السلبية لكورونا، ستكون عند إعلان نتائج ميزان المدفوعات الخاص بالنصف الأول من العام الحالى.  وبإستعراض التوزيع النسبى لموارد النقد الأجنبى بالربع الأول فقد جاءت القروض والودائع الأجنبية بالصدارة بنسبة 28 %، وتحويلات المصريين بالخارج 27 % والصادرات السلعية 23 % والسياحة 8 %، وقناة السويس 5 % والإستثمار الأجنبى المباشر 3 % وخدمات النقل 2 %. ومع تراجع الإستثمار الأجنبى بنوعيه المباشر وغير المباشر بالربع الثانى وكذلك التحويلات وقناة السويس والسياحة والصادرات السلعية، كان البديل أمام السلطات هو المزيد من الإقتراض بعد أن إنخفضت إحتياطيات العملات الأجنبية الى 36 مليار بمايو مقابل 45.5 بفبراير، فكان الإتفاق مع صندوق النقد الدولى لقرض بقيمة 2.8 مليار دولار.  وطرح سندات دولارية خارجية بخمس مليارات، والإتفاق مع العديد الجهات الدولية والإقليمية للإقتراض منها بداية بقرض آخر من صندوق النقد الدولى بقيمة 5.2 مليار دولار، وبنك التصدير والإستيراد الأفريقى 3.55 مليار وبنك الإستثمار الأوربى 2.2 مليار وبنوك إماراتية 1 مليار والبنك الدولى 950 مليون وغيرها.  مع تنشيط طلب المعونات والتى تلقت جانبا منها من البنك الدولى واليونسيف وغيرها، ومحاولة تأجيل سداد أقساط بعض الديون الخارجية خاصة الخليجية، وتقليص الواردات والإستمرار بالفائدة المصرفية المرتفعة الضارة بالمنتجين المحليين، أملا فى أن تساهم بإستقطاب مشتريات الأجانب لأدوات الدين الحكومى.