سمح تطور قطاع النقل بتوسيع الأسواق أمام كل الشركات أي ضاعف المنافسة وضرب الأسعار. لم تعد تستطيع أي شركة إساءة معاملة أي مستهلك لأن الخيارات أمامه أصبحت كبيرة والسلع كلها متوافرة عبر وسائل النقل المختلفة. فالنقل قرب المستهلك من المنتج، فلم تعد المسافة مهمة كالسابق بل أصبحت النوعية هي الأهم. في الولايات المتحدة بين سنتي 1972 و2002، تم استيراد عدد أكبر من السلع وأنواع أكثر بكثير بسبب تغير الأذواق وتطور النقل مما سمح للمستهلك بالحصول على السلع التي يريد بسرعة ونوعية وأسعار تنافسية. تطور النقل رفع رفاهية المجتمعات ونوعية الحياة وجعل المواطن يشعر بالانتماء إلى العالم كانتمائه إلى الدولة. انخفضت تكلفة النقل حتى أصبحت عمليا لا تؤثر على قرارات الإنتاج والتسويق بل تسهل حصولها. في سنة 1961، أي قبل عولمة النقل، كانت تكلفة النقل البحري في الولايات المتحدة تشكل 12% من قيمة الصادرات و10% من قيمة الواردات أي أعلى من التعريفات الجمركية البالغة حينها 7% من قيمة الواردات. تطور النقل كما الحاويات تحديدا ضاعف المخاطر الأمنية. في سنة 2007، أقر مجلس الشيوخ الأمريكي قانونا يفرض على المسؤولين الأمنيين والجمارك التأكد من محتوى الحاويات القادمة. لا ننكر أن قطاع الحاويات تطور مع الحروب أي سمح بنقل الأمتعة والأسلحة والمعدات وغيرها إلى الجيش الأمريكي المتواجد سابقا في فيتنام وآسيا عموما. كالانترنت، تطور قطاع النقل في الجيوش وبسببها وبالتالي يستفيد الاقتصاد العام من البحوث التي تقوم بها بعض الجيوش. هنالك خوف من أن تنقل هذه الحاويات السلع الهادفة إلى تنفيذ العمليات الإرهابية، وبالتالي يجري التدقيق في المحتويات علما أن هنالك استحالة لمعرفة ماذا تحتوي ملايين الحاويات الكبيرة المنتقلة يوميا. هل استفاد العمال من العولمة المبنية على تطور النقل؟ هل هنالك مبرر للنقمة الشعبية والعمالية على نتائج العولمة مما سمح بفوز «دونالد ترامب» وخروج بريطانيا من الوحدة الأوروبية وغيرها من الاستفتاءات والانتخابات؟ إن تطور قطاع النقل سمح بزيادة الفعالية وبالتالي بالاستغناء عن عدد كبير من العمالة المتواجدة في المرافئ والمرافق والمطارات وغيرها لهدف خدمات النقل. تطور تقنيات النقل أحدث نقمة عمالية في مدن كانت تعتاش من النقل فأصبحت تحتاج إلى مصادر عيش مختلفة جديدة وصعبة. كانت العائلات وليس الأفراد فقط تعمل في القطاع. حتى العديد من الوظائف في قطاع النقل تغير وأصبح يتطلب كفاءات علمية مختلفة وليس زنودا وعضلات فقط. فطالب التوظيف في إدارة شركات النقل يجب أن يتعلم الاقتصاد والإدارة والتقنيات، وبالتالي يتنافس قطاع النقل مع القطاعات الأخرى في جذب الكفاءات. العمل في النقل مرتبط كثيرا بتطور الاقتصاد الدولي، مما يسبب الكثير من القلق للعاملين فيه وبالتالي يدفعهم أحيانا للتصرف بعنف وغضب كما يحصل في قطاع الطيران بالرغم من الأجور المرتفعة نسبيا. فالعديد من الثورات بدأ من مرافق النقل وانتقل إلى الاقتصاد ككل وغير الكثير.