يفوق عدد الموظفين عدد رؤساء الأقسام والمدراء بمختلف درجاتهم، ويبقى الموظف العادي عنصرا مهما في العمل، قد يقف عمل ما فقط لعدم تواجده، وقد يتأخر اتخاذ قرار ما نتيجة لمرضه المفاجئ في نفس اليوم. يبقى أن مثل هؤلاء الموظفين، وهم كُثر، يعانون من أمور كثيرة، منها مواقف السيارات. لعل القارئ يعد هذا الأمر بسيطاً لكنه مؤذٍ حقاً.
عند انتقال المؤسسات والوزارات الحكومية من مقار عملها في المباني القديمة لمبانٍ جديدة، لم يتكلف المسؤولون البحث عن راحة موظفيهم بقدر راحتهم، فاختاروا لأنفسهم المكاتب الواسعة والأثاث الراقي، بل والمواقف سهلة الوصول، وتركوا موظفيهم يعانون من مكان تواجد مكاتبهم، ودمجوا الإناث مع الذكور وكأننا نعيش في مجتمع غربي لا مسلم تُراعى فيه خصوصية المرأة المسلمة، بل إن غير المسلمات لهن خصوصية أيضا، ثم ضايقوهم في عدم توفير مواقف خاصة بسياراتهم.
فتجدهم يقفون بها على مسافة بعيدة عن عملهم حتى لا يُخالفون، أو قد يضطرون عند مرضهم للوقوف بها قريبا من مبنى العمل وإن خُولفوا. ومناخ قطر في الصيف الطويل حار تصل فيه حرارة الشمس لأكثر من 45 درجة مئوية، فتخيل أن يمشي أكثر من ألف موظف تحت حرارة الشمس لمسافة كبيرة يحترق فيها جلده، وتُنهكه الرطوبة؟ تخيل الأمر وهو صائم؟ ثم تخيل كيف ستكون رائحته عند الوصول لمقر عمله؟ هذا الموظف الذي لم يهتم المسؤول لنوعية كرسيه أو مكتبه أو موقف سيارته هو أهم من المسؤول في العمل.
فأغلب المسؤولين يأتون بعده ويذهبون قبله. فلماذا لا يُهتم لحقه في توفير موقف يقيه لهيب الشمس بالصيف؟ ولو مررنا بمثل هذه الشوارع التي تسكن المؤسسات والوزارات الحكومية بها الأبراج لوجدناها مكتظة بالسيارات ومزدحمة وغير مرتبة، حتى أنك قد تجد شارعاً مغلقاً بسبب سيارات الموظفين والمراجعين. بل إنه لا توجد في بعض المؤسسات مواقف للزوار، وإن وجدت فيتحكم بها السيكيورتي لمن يوصي بها له المسؤول! قد يكون للمصالح والمعرفة بين الوزير أو المدير العام وصاحب البرج مكان، لكن لا يعني ذلك ألا يُهتم بمصلحة الموظفين. ألا يظن هذا المسؤول أن الموظف وهو قادم/خارج يقول: حسبي الله ونعم الوكيل؟!.. وأخيراً: لماذا لا يكون للمؤسسات والوزارات الحكومية أراضي خاصة بها بمساحات واسعة بعيدة عن وسط المدينة تُبنى عليها مؤسساتها بدلا من الإيجار السنوي المكلف لميزانيتها؟