وسط حضور جماهيري يصنع الفارق التنظيمي للدوحة.. نعيش اليوم فعاليات حدث كروي هام بقوة دفع رباعية قادرة على صقل الوجدان العام وشحذ همم اللاعبين في الميدان وخطف أنظار مشجعين في المدرجات، وأمام الشاشات.. ولا استثناء حتى لمتابعي أحداث المواجهة المثيرة بقرون الاستشعار الكروي عن بُعد.. الدحيل القطري ممثل البلد المستضيف والأهلي المصري بطل القارة الإفريقية في افتتاح مونديال الأندية أبطال القارات في الدوحة.. مواجهة مثيرة بحق.. وجميلة بما تزدان به من الأسماء الكبيرة.. وقبل انطلاق صافرة البداية لابد مما ليس منه بد. إنَّه التمني لو أن القرعة لم تضع الدحيل والأهلي في مواجهة البداية، بحيث يلعب كل منهما مع غريم قاري آخر، لتطول المتعة العربية على أرض الدوحة، موطن المونديال العالمي القادم.. ولكن ليس كل ما نتمناه ندركه، فللقرعة (مزاحها) الثقيل، تماما كما أن (لو) حرفان لا يتعبان من التحليق في (الجو..) وبعيدا عن التوقعات والآمال هنا وهناك، نحن أمام قمة كروية عربية بنكهة مونديالية.. ومواجهة بين فريقين كبيرين يتمتعان بنفس درجة الطموح ويتصادمان مع واقع تنافسي لا مكان فيه إلاَّ لفائز واحد. والمتابعات الماضية لأداء الفريقين تشير إلى انتهاج مدربي الفريقين اللعب بطريقة 4..2..3..1.. ومن غير المعروف ما إذا كان سيتم التعديل في أسلوب لعب مباراة الصعوبة فيها واضحة للعيان.. ويبرز في المواجهة جانب الخبرة عند الأهلي، وإن كان يشترك مع الدحيل في الحاجة لتأمين أكثر لمنطقة الدفاع، فيما يمتلك الدحيل عناصر هجومية قوية تعطي شيئا من التوازن للعمليات الهجومية التي لن تستغني عن ابتسامات الحظ، وقبل ذلك الحرص على وضع القواعد المناسبة في مثل هذه الحالة على لاعبي الفريقين وخاصة الدحيل الذي يخوض المباراة على أرضه وبين جمهوره وهم هذه المرة كل الجماهير القطرية. حضور الدحيل في الدوري القطري الذي يقبض نادي السد على صدارته يشير إلى أنه يعاني من البطء في المهمات الدفاعية، ما يعني الاهتمام بهذا الجانب، مع استغلال نجومية خط مقدمته في التحول إلى عناصر هجومية قادرة على فرض عنصر المفاجأة، وهي مهمة كبيرة تقتضي التعامل مع الفرص وأنصافها بتوثب بدني كبير وحضور ذهني عال. ومواجهة بهذه الأهمية بين فريقين تحركهما طموحات كبيرة تعطي مؤشرا على أن الفوز سيحتاج إلى أمور تتجاوز المشوار والأوراق والأرقام وأستديوهات التحليل إلى تفاصيل بدنية ومهارية وذهنية.. والناجح في المواجهات الكبيرة هو من يوظف لاعبوه مهاراتهم الفردية لصالح اللعب الجماعي، وبتوازن يؤمن منطقة الدفاع ويشعل ملعب ومنطقة الغريم بعمليات هجومية مؤثرة. اليوم.. سنشاهد حتما محاولات مستمرة من كل طرف لمفاجأة غريمه لتأكيد الجدارة والتفوق. والأكثر حظا هو من سيستثمر قدراته الفردية والجماعية بثقة ودونما تهور أو انفعال غير مبرر.. كما سيكون مستوى التحضير النفسي والذهني للتعامل مع إيقاع المباراة عاملا حاسما في مسألة التخلص من أي مشاعر سلبية أو انفعالية، مع استحضار الخيال الإيجابي على مدار زمن المباراة، وهو ما يندرج تحت القول بأن هناك غالبا شيئا يجعل فريقا يتفوق على الآخر في المباريات الهامة يتجاوز المكتوب. على الأوراق، ومنها قدرة المدرب على القراءة الصحيحة للمباراة وقدرة اللاعبين على التقاط توجيهاته، حضورًا بدنيًا ومهاريًا وطموحًا. والأمل في بعده الأخوي والإنساني أن نشاهد مباراة تكون الأخوة فيها أولاً.. ويكون فيها من الإمتاع والتزام المشجعين بتعليمات التباعد والاحتراز كأحد الوجوه المشرقة في مباراة نتمناها قمة عربية بنكهة مونديالية.