أحسن فريق.. الظاهرة الملهمة

ليس هناك أجمل من فكرة رياضية حالمة تبدأ بعدد محدود من الناس لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة ثم تكبر متحولة إلى ظاهرة واسعة يمارسها الآلاف بصورة تلقائية يومية رغم أنه لا يجمعهم كيان رسمي أو حتى أهلي.. فقط حماس تلقائي وإدارة ذاتية واعية من الأشخاص أنفسهم.. * هذه الظاهرة ملهمة بحق لأن من الصعب أن تجمع أكثر من ألفي شخص عقب صلاة الفجر على النحو الذي عشناه الخميس الماضي في صنعاء حيث التقى على ساحة واحدة 17 فريقا مما يسمى "أحسن فريق" وهي التسمية التي أطلقها المشاركون على أنفسهم ولسان التحدي الذاتي للنفس وللآخر.. هل هناك رياضيون يمارسون نشاطهم الصباحي اليومي المبكر على مدار العام دونما توقف لأي مناسبة مهما كانت.. ولا استثناء لإجازات أو أعياد..؟ * الملفت أن الظاهرة تجاوزت صنعاء وامتدت إلى مدن أخرى بشكل متسارع.. والمتوقع أن تنتشر في كل مدن اليمن دونما اعتبار للأزمات التي يعيشها هذا البلد منذ سنوات وانعكست التداعيات على تفاصيل حياة الناس ومعيشتهم.. * وعندما تبادر وسيلة إعلامية عربية لتقصي أسباب سرعة انتشار هذه الظاهرة كما حدث في قناة الجزيرة وقناة الحرة ووكالة رويترز ووسائط إعلامية كثيرة فإن الإجابة التي يشترك فيها جميع الممارسين لهذا النشاط الصباحي اليومي على مدار العام هي القول: وجدنا ضالتنا، لقد كنّا نبحث عن شيء ووجدناه.. إنه الرياضة من أجل الصحة والحياة.. جاء بعضنا إلى التمارين على العكاز فصاروا يتحركون كالغزلان الشاردة.. تخلص الجميع من قائمة طويلة من الأدوية المتصلة بأمراض الضغط والسكر والدهون الثلاثية، وصارت تمارينهم هي البديل الآمن.. * لقد أعطى هؤلاء دروساً لكل من يتابع تجربتهم، وصار الكل يحترم هذه الظاهرة وتوسعها، ليس في شقها الرياضي وإنما في علاقات جمعت بين شيوخ التقوا في تمارين أحسن فريق بعد أن كان التواصل انقطع بينهم منذ سنين طويلة تعود إلى أيام المدرسة..! * لقد أسست تلك المجاميع التي أذابت الفوارق في الأعمار بتمارين تجمع بين الجد وابنه وحتى الحفيد، وتكوين علاقات أخوَّة وصداقات جديدة أساسها الرياضة، وعلى هوامشها الكثير من المناسبات الاجتماعية والرحلات السياحية الداخلية التي تمد المزيد من جسور العلاقات الطيبة والترفيه ضمن فكرة الرياضة للجميع.. * وبين الرياضة من أجل الصحة على طريقة ظاهرة "أحسن فريق" تشرق أفكار الاهتمام بنشاط اتحاد الشركات واتحاد البنوك الذي ينظم مسابقات تحت شعار "رياضة لكل موظف" الأمر الذي يعكس المفهوم الشامل للرياضة.. وهذا يعيد لي كمهتم بشأن الرياضة في عاصمة الرياضة العالمية الدوحة انتظام بطولة رياضية خامسة للوزارات والمؤسسات في دولة قطر والتي اختتمت يوم 19 نوفمبر، كون ذلك يعكس حقيقة أن الموظف الرياضي هو موظف قوي.. منتج، صافي الذهن، قادر على العطاء والإنجاز.. * وسواء كانت الرياضة من أجل البطولة أو من أجل الصحة، تبقى الرياضة في مجملها نشاطا إنسانيا من أجل الصحة والحياة كطريق مثير يصنع أجواء من الإثارة والمتعة التي تقوي علاقات المحبة والتعاون داخل البلد وبين الشعوب..