نجم التسجيل.. وفارس التمرير..

فاز نجم ليفربول، المصري محمد صلاح بجائزة رابطة النقاد الرياضيين الإنجليز.. خطف جائزة أفضل لاعبي الموسم الكروي للمرة الثانية بعد أن فاز بها عام 2018.. * أما كيف خطف الجائزة فإن للفوز عناوينه وأرقامه وحكايته.. والعنوان هو أن صلاح كان فارساً في تسجيل الأهداف وفارسا في التمريرات الحاسمة فماذا يعني هذا..؟ يعني أن أعضاء رابطة النقاد الإنجليز وجدوا أنفسهم أمام قيمة رياضية رقمية، وقيمة أخلاقية، ظهرت في كون محمد صلاح لم يبحث عن مجد شخصي بتسجيل الأهداف في شباك خصوم ليفربول فحسب وإنما مارس أيضا حسنة التحضير والتمويل بالتمرير بذات كفاءة التسجيل بين الخشبات الثلاث.. * قد يسأل أحدنا كيف للاعب عربي أن يفوز بجائزة رابطة النقاد في مواسم إنجليزية ملتهبة للمرة الثانية رغم أن منتخب مصر الذي يقوده نجم ليفربول لم يتمكن من بلوغ نهائيات كأس العالم FiFA قطر 2022؟ فالأمر ببساطة يدعو للتأمل في المناخ الاحترافي الصارم الذي يجعل موهبة النجم الكبير تتفجر على النحو الذي نشاهده مع محمد صلاح، البارع في مهمات تفكيك التحصينات الدفاعية بسلاسة راقص البالية ليختم طلعاته الهجومية إما بهز الشباك أو بالتمرير الحاذق فيهيئ فرصة التسجيل لزملائه، منتصراً لروح الجماعة.. وإن تعثر قام بتخزين فترات عدم التوفيق في صندوق الاستفادة عندما تحضر جولة تحد قادم..! * ولاعب بموهبة محمد صلاح هو لاعب قادر على صناعة الفارق في صفوف ليفربول، النادي الإنجليزي الذي وفر له البيئة المثالية الحاضنة ليفرض هذا النجم نفسه ليس على ليفربول وإنما أيضا على إنجلترا ذاتها، مستثمراً أداءه في مناسبات اختيار النجوم التي تتم وفق مقاييس رقمية وإبداعية تجعل المرور إلى منصات الجوائز مرورا عادلا.. * وما يعطي أهمية أكبر لجائزة رابطة النقاد الإنجليز أنها لا تأخذ بنظام التصويت على أسماء محددة يجري تقديمها ويتم ترشيحها والتصويت عليها وإنما يجري تصويت مفتوح حول الأفضل في الموسم الكروي، فلا يعلق في ذاكرة النقاد لحظة التصويت إلا الأكثر تسجيلا والأكثر تمريراً حاسماً والأكثر احتراماً للروح الجماعية في لعبة كرة القدم، ما جعل صلاح يتقدم الجميع على بساط الاستحقاق والجدارة.. * وإذاً.. نحن أمام نجم عربي مصري ينطلق على بساط الكرة الإنجليزية بثقة في منافسات كبيرة متسلِّحاً بالموهبة، والانضباط والطموح، والشخصية القادرة على استغلال المناخ الاحترافي لتطويع ملكاته الفردية بعقلية الهداف، وذهنية صانع الفوز، القادر على فك شفرة الإنجازات الفردية.. * ونجم مثل محمد صلاح لابد أن فوزه بجائزة رابطة النقاد الإنجليز للمرة الثانية سيعزز ثقته بنفسه أكثر، وستنفتح شهيته لخوض التحديات القادمة، شأنه شأن بنزيمة الذي ينطلق بخطى ثابتة نحو خطف الكرة الذهبية ما لم تحدث مفاجأة.. ومن شأن حضور ميداني آخر لصلاح أن يقربه هو الآخر من الحلم إن حالفه التوفيق على أرضية (نعم أستطيع..) وهو فعلا يستطيع.. * ومعروف أن الكرة الذهبية على صعوبة الحصول عليها تتوارى خلف إنجازات فردية وأخرى جماعية، وأبرز شروطها إلى جانب نجومية اللاعب وحظوظه وجود بيئة انتصارات لناد كبير مثل ليفربول، ومساهمة النادي في الدفع بأكثرهم حظاً داخل معتركات تنافس فرق ومنتخبات من الوزن الثقيل.. * وأيًّا كانت حظوظ صلاح مع الإنجازات الفردية في قادم التحديات فإن النجم الفرعوني الذي سيبلغ الثلاثين عاما في يونيو القادم صار نجماً عالمياً لا يشق له غبار، شأنه (شأن بنزيمة.. ليفاندو فيسكي.. دي بروين ومودريتش آلى آخر القائمة..). * ولن يكتمل إغلاق (نقطة وفاصلة) دون التذكير بحقيقة أن محمد صلاح يعيش في ليفربول أهم وأجمل محطاته، ما يفرض عليه استغلال هذا الحاضن أفضل استغلال، تماماً كما أن ليفربول وجد في صلاح مفتاحا للفوز.. وقيمة إبداعية في تسجيل الأهداف وفي صناعة الفرص بالحاسم من التمرير، وتجسيد قيمة توظيف اللعب الفردي المميز لصالح الأداء الجماعي وتحقيق الانتصارات الناجزة.. * ومبارك للنجم العربي محمد صلاح.. جائزة رابطة النقاد..