تمتلك تنزانيا ثروات مائية وزراعية وحيوانية وسياحية وفيرة، إلى جانب الموانئ الاستراتيجية والكتلة البشرية الضخمة، يظهر ذلك في أولا: الأنهار والجداول المائية الغزيرة وتساقطات الأمطار التي تستمر لعدة أشهر، والبحيرات التي تمتد لمئات الكيلومترات، ويكفي بحيرة "فكتوريا" لوحدها التي تعد أكبر بحيرات أفريقيا على الإطلاق، وتصنف ثانيا عالميا، إنها بحر لجي من الماء العذب تعددت أغراضها ومهامها. ثانيا: الريف الأخضر والمزارع والبساتين التي تمتد لمئات الكيلو مترات وإنتاجها الغزير من الفواكه والخضروات والبقوليات والتوابل وما يستخلص منها من عطور وأدوات تجميل وأعشاب طبية، والكثير مما لا يوجد إلا في إفريقيا وسوف تكون لها عوائد ضخمة لو استثمرت في التصنيع والتصدير. ثالثا: قطعان الأغنام والأبقار التي تكتسح السهول والسهوب في أنحاء البلاد وما تنتجه من لحوم وألبان وصوف. رابعا: المحميات الطبيعية الواسعة تستقطب أفواج السياح والباحثين والعلماء ومنتجي الأفلام والبرامج الوثائقية والعلمية الذين يعشقون الطبيعة وحياة الحيوان أو ينتجون عنها الأفلام ويبحثون سلوكها ويجرون عليها الاختبارات وهي ذات عوائد مالية مجزية جدا. خامسا: تعد موانئ دار السلام المصدر الأساسي والمزود الأهم للسلع والبضائع وما تحتاجه أسواق عشرات المدن والبلدان الإفريقية خاصة تلك التي لا تمتلك اطلالات وحدودا بحرية. وقد التقينا بمواطن عماني تمتلك شركته أكثر من ثلاثين شاحنة في دار السلام، تنقل البضائع والسلع إلى الكونغو ورواندا والأقاليم التنزانية، وفي تنزانيا ثروات أخرى مثل "القصدير والفوسفات وخام الحديد والفحم والألماس والذهب والغاز الطبيعي..." كل تلك الامكانات التي تشكل مجتمعة ثروة مالية ضخمة، ويمكن أن تحدث وفرة في الوظائف ونهضة اقتصادية وازدهارا معيشيا... غير ملحوظة في التنمية ولا في حياة المواطن المعيشية، ولا في المسكن الملائم والتعليم الجيد... فالبنية التحتية مهترئة ضعيفة، والفقر تعلن عنه ملامح البشر المكدودة، وبنية الأجساد الضعيفة، والملابس البالية المتمزقة، والبيوت الأشبه بالأكواخ المنتمية إلى العصور القديمة، والحياة في مختلف جوانبها ما تزال بدائية، فالزراعة تعتمد على المحراث والمنجل والجهد البدني، والنقل على الأكتاف البشرية والحيوانات أو الدراجات الهوائية والنارية، وإعداد الطعام وإنضاجه والتدفئة تعتمد على الحطب. ما يعد مؤشرا على حكم غير رشيد وتجذر للفساد واستفادة اللوبيات المتسلطة والنافذة على معظم تلك الثروات وضعف التعليم... فعندما تحظى البلدان والشعوب بأنظمة سياسية رشيدة وحكم عادل وتتحول إلى دول مؤسسات وقانون، ينمو الاقتصاد وتتميز الخدمات والبنى التحتية وشبكات النقل والاتصالات بالجودة والمتانة والتطور وتزدهر حياة المجتمعات... وهي من القراءات المهمة التي نتحصل عليها من هذا التطواف المتواصل بين مناطق ومدن العالم، والمقارنات المفيدة بين تحولات هنا ونهضة هناك، وتخلف في أخرى وجمود وتراجعات في نواحي من العالم، تستوجب استخلاص الدروس واستيعاب الأسباب والدوافع وفهم مكامن القوة والضعف والاستفادة منها في نهضة وتقدم بلداننا والحفاظ على الإنجازات والمكاسب التي تحققت... فالفارق واضح بين الجارتين "رواندا وتنزانيا"، في التقدم والنمو الاقتصادي وتحولات التنمية والتفكير في المستقبل، وقوة الإرادة لإحداث التغيير... فما يقارب من ربع السكان يعيشون تحت خط الفقر، وما زال الاقتصاد التنزاني يعاني من انخفاض الناتج المحلي الإجمالي... وتشير البيانات الاقتصادية إلى أن تنزانيا قد سجلت عجزا في حس