نتائج السياسات الترامبية

صرح الرئيس ترامب انه ضد تطوير التجارة الدولية على القواعد الحالية ومع العودة الى بعض الحمايات التي تحفظ الوظائف. هكذا فعل مع وضع التعريفات الأخيرة على الواردات المعدنية. لا يعالج ترامب جديا فوائد التجارة الدولية بل يركز على السلبيات. يتجاهل أن الحمايات لا بد وان توضع بالاتجاهين وأن أسباب المشكلة الاقتصادية الأميركية ليست تجارية بل داخلية. لا يمكن لأي دولة أن تحافظ اصطناعيا على الوظائف الحالية دون أن تخسر الوظائف المستقبلية. لا يعطي ترامب أهمية لامكانية الربح العام المشترك من التجارة الدولية. يشير ترامب الى أنه ضد المؤسسات الدولية من بنك دولي وصندوق نقد ومنظمة تجارة التي بنتها جميعها الولايات المتحدة وساهمت في نهوض الاقتصاد العالمي بعد الحرب منذ 1945 وحتى خلال الأزمات المتلاحقة آخرها في 2008. كانت هذه المؤسسات وما زالت اليد اليمنى للادارات الأميركية بالرغم من تسميتها بالدولية. ما المصلحة الأميركية في تجاهلها أو اضعافها؟ يشير ترامب في خطاباته الى أهمية العودة الى الثقافة الأميركية القديمة أي المبنية على المبادئ الأنغلو ساكسونية والبروتستانية. يتجاهل التأثير الايجابي للثقافات الجديدة علما مثلا أن جميع حاملي جوائز نوبل للعلوم والاقتصاد الأميركيين لسنة 2016 كانوا من المهاجرين. تشير خطابات ترامب الى عدم اقتناعه بالتركيبة الديموقراطية في أميركا أي وجود سلطات مستقلة تحد من سلطاته. ظهر هذا جليا عند اعتراضه على قرار القاضي بشأن الغاء منعه لمواطني دول معينة من دخول الولايات المتحدة. طريقة توجهه العلنية نحو أوروبا وايران وكوريا الشمالية والصين والتعاطي معها ربما تسبب مشاكل مستقبلية لا يرغب بها الرأي العام. يريد الأميركيون دولة قوية لكن ليس بأي ثمن. ما هي نتائج السياسات الترامبية؟ الاقتصاد العالمي تعافى جزئيا منذ أزمة 2008. نما بمعدل سنوي قدره 2,5% وهذا ليس كافيا، كما أن النسب تختلف من منطقة الى أخرى. النمو الخفيف في الغرب وفي أميركا مرتبط بالوضع السكاني والديون كما بالسياسات الضرائبية المعتمدة. انخفض نقد الدول الناشئة حال فوز ترامب لكن تحسنت أوضاعها فيما بعد لعدم اقتناع الأسواق باستمرارية السياسات الترامبية. لم يلغ الرئيس بعد مشروع بنائه للحائط مع المكسيك بل تفقد مؤخرا نماذج لهذا الجدار في الحدود مع كاليفورنيا. الاقتصاد المكسيكي مبني على التجارة الدولية. قيمة التجارة مع أميركا هي 580$ مليار سنويا حيث 80% من الصادرات المكسيكية تذهب اليها. استمرار ترامب بسياساته الاقتصادية ربما يفيد على المدى القريب، لكنه مضر على المدى البعيد. يريد الاستثمار في البنية التحتية وخفض الضرائب مما سيسبب عجزا ماليا ايضافيا، أي فوائد مرتفعة وتحسنا لاحقا لسعر صرف الدولار. ارتفاع الفوائد يضر بالشركات المقترضة أي معظمها وبتكلفة الدين العام. ارتفاع سعر صرف الدولار يضر بالصادرات وبالتالي بميزان الحساب الجاري وبقطاع الأعمال. إلى أين يذهب الرئيس وهو الذي لم يجد بعد أي عالم اقتصادي يرأس مجلس الخبراء الاقتصاديين؟ الوقت سيجيب بوضوح.