تحتشد وسائل التواصل ولقاءات الصحب وأروقة ومكاتب تخليص المعاملات واجتماعات اللجان المتخصصة هذه الأيام، برسائل وأحاديث ومشاهد وانطباعات يطلقها خبراء وباحثون ومراقبون في الشأن الاقتصادي، وأصحاب مؤسسات صغيرة ومتوسطة وموظفون وعاملون فيها، تعبر عن التشاؤم والإحباط والتحذير من ضعف القوة الشرائية المشاهد والملحوظ بقوة، والذي انعكس بشكل حاد على أداء وأرباح الأعمال والخدمات والأنشطة والعلامات والمحلات والمؤسسات التجارية، قاد بعضها إلى الإفلاس والإغلاق، وأخرى على وشك أن تواجه ذات المصير قريبا، الدكتور حمود النوفلي أكد في حسابه على التويتر قائلا: "الكل يلاحظ انخفاض القوة الشرائية في محافظة السلطنة، وكون أكثر من 80% من القطاع الخاص مؤسسات متوسطة وصغيرة، فإن ذلك سوف يؤدي لإفلاس وإغلاق غالبيتها"، مطالبا بأهمية إعداد "دراسة عاجلة للسوق، ومراجعة دعم الكهرباء، وخفض الرسوم والمأذونيات" وهو ما لاقى تأييدا واسعا وتأكيدات اعتمدت على مشاهدات وقراءات ومواقف من الواقع. عضو مجلس الشورى محمد بن سليمان الهنائي أشار إلى أن "الضرائب، وارتفاع تسعيرة الكهرباء، وارتفاع تسعيرة الوقود، وارتفاع الرسوم، نتيجتها السريعة تساوي دخلا سريعا للميزانية لعامه الأول ويمكن الثاني، فيما نتيجتها بعد قرب عامين يساوي ركودا اقتصاديا، إغلاقات كثيرة في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وخسائر كثيرة ستعيد الوضع إلى ما هو أسوأ مما كان...". وتتوالى التغريدات والتعليقات والمداخلات التي تشكو من هذا الوضع والتحذير من آثاره ونتائجه السيئة على السوق، فالإعلامي "علي الراشدي"، هاله ما "شاهده في مطرح والحمرية وروي من محلات تصفر فيها الرياح وتعشعش فيها لوائح للإيجار وهي التي كانت تباع بخلو يصل إلى عشرات آلاف الريالات..."، مطالبا الراشدي، بالتحرك السريع، و"إطلاق حزم من التحفيز الاقتصادي...". فيما يعزو الدكتور "حيدر بن علي اللواتي" سبب ضعف القوة الشرائية إلى "الضرائب" التي "تزيد في دخل الدول وترفع مؤشرات الاستدامة المالية، ولكنها تضعف الاستثمار ونمو الاقتصاد، وتنزف السيولة والقوة الشرائية عند الأفراد...". في مداخلتي تعليقا على هذا الملف، في إحدى المجموعات الواتسبية المتخصصة في الاقتصاد، أضفت قائلا: "من الأسباب المهمة على ما أعتقد كذلك إلى جانب العوامل المشار إليها، غياب ضوابط وآليات الموافقة على فتح الأنشطة والأعمال التجارية وبناء الأسواق المفتوحة والمجمعات التجارية الحديثة والعمارات التي تنمو وتنتشر وتتسع بشكل غير مسبوق في كل المناطق دون استثناء، بمظهر ينم عن العشوائية والفوضى، والافتقاد إلى الدراسات واحتياجات السوق الحقيقية، وحجم القوة الشرائية، فقد تجد عشرات البنايات الحديثة غير مؤجرة، وفتح عشرة محلات لبيع الحلويات في مكان واحد لا يستوعب فيما لو أعدت دراسة جدوى، أكثر من محلين، وتنتشر المقاهي والمطاعم الحديثة مثل الفطر في شارع واحد بدون دراسات جدوى كذلك... وهكذا كل جديد يؤدي إلى كساد وضعف قوة شراء من سبقه أو إلى الإغلاق بعد أشهر من الفتح، وفي المقابل، فإن وضع السوق والقوة الشرائية والحركة السياحية وحوافز جذب الاستثمار الأجنبي وقوانين التجنيس جميعها لا تشجع على هذا النمو العمراني والتجاري الذي تظل موارده المالية شبه جامدة، كما أن الكثير من الأنشطة تكرر وتقلد بعضها، فتخلو من الابتكار والتجديد والتغيير سواء في التخصص ونوع النشاط، أو في المكان والتصميم وأساليب التسويق".