التمويل الإسلامي

تؤكد الإحصاءات على أن أكثر من 33% ممن يعانون من الفقر الشديد حول العالم يقيمون في الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي، وأن 21 دولة من بين دول المنظمة الـ 57 يعاني أكثر من نصف سكانها من عدم التمتع بمرافق الصحة العامة المناسبة، وأن نسبة 4% من مواليد هذه الدول يموتون قبل بلوغ سن الخامسة، وعلى الرغم من محاولة هذه الدول تحقيق التنمية إلا أن الكثير منها ما زال يعاني إما من نقص شديد في الموارد أو من ضعف القيادات والمؤسسات.. وما يزيد من قتامة الصورة أن 72 من بين 125 مليون شخص ممن تأثروا بالكوارث الطبيعية والصراعات يقيمون في هذه الدول مما يخلق المزيد من الضغوط على ميزانياتها. هذا ويتمتع التمويل الإسلامي ببعض من المزايا الهامة التي لا تتمتع بها المنتجات المالية التقليدية، كحظر أسعار الفائدة وارتباط استثماراته بالاقتصاد الحقيقي وتبنيه لفلسفة المشاركة في الربح والخسارة وقدرته على جذب الأشخاص والمؤسسات التي لا تفضل التعامل مع المصارف والنظام المالي التقليدي (التجاري) سواء لأسباب ثقافية أو دينية، مما أدى إلى توسيع أنشطة التمويل الإسلامي خلال العقد الماضي بأكثر من 13%. لذا يكون على حكومات دول منظمة التعاون الإسلامي إذا ما رغبت في الاعتماد على التمويل الإسلامي في تنويع مصادر اقتصاداتها ضرورة إجراء المزيد من الإصلاحات التشريعية والقانونية بهدف ضمان حماية حقوق الملكية وتنفيذ العقود، وأن عليها كذلك توحيد المعايير وتنظيمها بالإضافة إلى تعديل السياسات الضريبية القومية. وهو الأمر الذي دفع البنك الدولي بالاشتراك مع عدد من شركاء التنمية للمساهمة في تحقيق هذه الإصلاحات وتمويل مجموعه من المشروعات الاستثمارية اعتماداً على منهجية التمويل الإسلامي، وأصدرت خزانة البنك الدولي كذلك مجموعة متنوعة من أدوات التمويل الإسلامي وفي مقدمتها الصكوك المتوافقة مع المعايير الإسلامية على الفائدة واستبدالها بالعائد، وقد بلغت قيمة هذه الصكوك أكثر من خمسة مليارات دولار. كما أسست مؤسسة التمويل الدولية (ذراع القطاع الخاص بالبنك الدولي) شركة صكوك المؤسسة المالية الدولية التي أصدرت في العام الماضي سندات ائتمان بأكثر من مليار دولار. بالإضافة إلى قيام الوكالة الدولية لضمان الاستثمار بمنح ضمانة استثمارات متوافقة مع الشريعة الإسلامية لأحد مشروعات البنية التحتية في جيبوتي بقيمة 527 مليون دولار، وضمان أخرى لإندونيسيا على صورة تأمين ضد المخاطر السياسية للاستثمار في مجال الاتصالات بقيمة 550 مليون دولار.. كما أصدر البنك بالتعاون من البنك الإسلامي للتنمية ومنظمة الأمم المتحدة صك التمويل الإسلامي للبنان والأردن لمساعدتهما في تحمل تكاليف دعم اللاجئين السوريين. ويرى العديد من المتخصصين أن التمويل الإسلامي يمكن أن يلعب دوراً هاماً في توجيه أموال الوقف والزكاة وغيرهما من الأدوات المالية الإسلامية بفاعلية أكبر وكفاءة أدق في تلبية الاحتياجات الإنسانية، كما يمكن أن يساعد في تقديم الحلول اللازمة لمواجهة تحديات التنمية في العالم الإسلامي لقدرته الفائقة في تعزيز وتشجيع الاستقرار والشمول المالي ودفع عملية التنمية المستدامة بالعديد من الدول العربية والإسلامية.