خروج منتخبٍ من منافسة عقب أول مباراة يلعبها أمر لا يبعث على السعادة، وهذا ما شعرنا به إثر إعلان قرعة كأس العرب في الدوحة أنه لن يدخل دوري المجموعات سوى 7 منتخبات، فيما على 14 منتخبا أن تخوض تحديات مباريات كسر عظم، فإمَّا الانضمام إلى إحدى المجموعات الأربع بخطف الفوز في مباراة الملحق أو الذهاب مع الريح..
وأستطيع تَفَهُّم مشاعر محلل رياضي عربي ظَهَر في أستديو تحليلي في صورة خنساء تطلب من صخرٍ العودة من قبره، غافلاً عن حقيقة أنه حتى لو اختفت العدالة تماما من كوكب الأرض ستبقى المنافسات الرياضية تمارس العدل.. وتحترم منطق العلاقة بين المقدمات والنتائج.. وما أكثر خائبي الرجاء في منتخبات بلدانهم..
أما وقد قالت أرقام التصنيف كلمتها وتحوَّلَت إلى أحكام، فليس أمام الجميع سوى إدراك أن عَرَق الحضور المشرف داخل قوائم تصنيف الفيفا يُوفِّر الدموع في تحديات منتظرة..! عرف المصدومون أن أحلام منتخب صارت رهن ابتسامة حظ فرصة واحدة وإلاَّ غادر البطولة بنظام (ما إن سلَّمَ حتى ودَّع) أما المنتخبات التي ستنافس داخل المجموعة وتحلم بالترقِّي إلى الأدوار الأعلى نحو كأس العرب بثلاث فرص - وليس بفرصة واحدة - فمخاوفها مختلفة.
نفس الرَّجَّة النفسية أو الهزة المعنوية التي أصابت منتخبات مهددة بالمغادرة السريعة أصابت بعض فرسان الحصيلة الإيجابية في تصنيف فيفا، لتتعدد الأوجاع الاستباقية وتكون الرَّجة القلقة واحدة عند الجميع على هذا نحوٍ مكابد..! سيكون على مصر والجزائر أن تتواجهان في المجموعة الرابعة بقوة تستدعي تاريخ ونتائج اللقاءات بينهما.. وستخوض السعودية حسابات معنى أن تتواجه مع المغرب وهو ما عبر عنه مدربهم.. وهي ذات حسبة الإمارات مع تونس متصدر العرب في تصنيف الفيفا..
وفيما حسابات العنابي القطري تتصل بالإعداد الشامل لمونديال الدوحة 2022 فإن حسابات المنتخب العراقي مع العنابي اختبار استباقي لاستضافة العراق خليجي 25 في البصرة..
وتبقى جميع المنتخبات مشترِكة في حلم وضع بصمة في كأس عربي وصفه رئيس إمبراطورية الفيفا (إنفانتينيو) بالنسخة الاستثنائية..
أما حسبة المكسب بمنطق العاطفة والعقل فتقول لنا بأن المنتخبات العربية في آسيا تحتاج للاحتكاك بالمنتخبات العربية في إفريقيا والعكس..
والمنافسة على أي حال هي مونديال عربي بين قارتين ومنافسة خليجية أيضا.. وقبل وبعد ذلك هي مواجهات بين عرب يرون في عودة الكأس بعد طول قطيعة التئاما للجامعة العربية في ملاعب كرة القدم على أرض مونديال 2022.
في كأس العرب بالدوحة سيختبر التونسيون معنى أن يلعبوا الكأس وهم على رأس الكرة العربية في قائمة الفيفا..
سيتحسس المصريون والجزائريون شيئا من تنافسهما الإفريقي على أرض عربية آسيوية، وسيحاول العراق تقديم ورقة اعتماد استضافة كأس الخليج في الملعب، فيما الكأس بالنسبة لدولة لقطر المضيف بروفة جادة يستعرض فيها القطريون حقيقة ما قطعوه من خطوات هائلة في ميزان الاستعداد لمونديال يتحرك باتجاه الدوحة على بعد عام من موعد منافسة كأس العرب..
ويبقى في مشاركة جميع المنتخبات العربية تحقيق حلم عربي طال احتباسه.
وبأمل أن ينجح كأس العرب في وصل ما انقطع، ونشعر بكل ما يكشف عن جدارتنا بالتعافي من أوجاع السياسة ولو عن طريق ملاعب الرياضة..
