تحرَّك.. لَستَ شجرة..!

كما "يحتاج النَّهر إلى شاطئين" لحمايته يحتاج الإنسان إلى سلامة جسده وسلامة نفسيته، وكلاهما يشكِّل رافعة للآخر.. وليس أفضل من ممارسة الحركة، وعدم الاستسلام لثقافة الكسل والخمول خاصة في شهر رمضان الذي اعتاد فيه كثيرون على قضاء ليله في الأكل ونهاره في النوم وعدم الالتفات لفضيلة النشاط من أجل الصحة والحياة.. * وإذا كان هناك من نصيحة رمضانية في مناسبة يكثر فيها الأكل قبل وبعد الصيام، وكأنها الوجبة الأخيرة في الحياة فلن تكون أهم من القول الساخر: تحرَّك فأنت لست شجرة.. وما ينبغي أن نحرص عليه هو أن يكون رمضان موعدنا مع صقل الروح بالصبر على مكاره الشهوات في نهاره، ومناسبة للعناية بالجسد عن طريق ممارسة النشاط الرياضي المناسب، ليس بحسابات الفوز على منافسين في ميادين البطولة وإنما لأن صحة أي مجتمع تكمن في إدراك أفراده أن النشاط هو مفتاح الحياة السليمة.. * ومن منطلق الوعي بأهمية الرياضة جاء مفهوم الرياضة للجميع، وسنَّت هيئات ودول عديدة أياماً وطنية للنشاط البدني، والتوعية بأهمية الرياضة، خاصة لكبار السن حيث هناك رابط بين الشيخوخة السعيدة والنشاط العقلي وبالمقابل فإن العقل الخامل هو حصاد جسد متدهور لم نحسن استخدامه، والامتناع عن ممارسة الرياضة يقود أعضاءنا الحيوية نحو الكسل والخمول وتيبُّس العضلات والدخول في تحديات غير متكافئة مع ماتتطلبه الحياة من الطاقة البدنية والتفكير السليم.. * وبعيداً عن ما صار معروفاً من التأثير السلبي للحياة الكسولة على مرضى الضغط والسكر والقلب والدهون، وضرورة التكافؤ مابين ما نأكله وما نفقده من السعرات الحرارية فإن النشاط الرياضي مهم جدا لتنشيط الفكر قبل تنشيط البدن وللناس في مختلف الأعمار.. وكما أن الرياضة بالنسبة للمراهقين وللشباب هي الأسلوب الأمثل لتفريغ الطاقات الزائدة بعيداً عن خيارات العنف والشغب، وترتقي بالسلوك والأخلاق فإن أثرها واسع على كل الأعمار، وعلى كلا الجنسين. * وإذا اتيحت لأحدكم المشاركة في نشاط رياضي مفتوح ومنتظم لكل الأعمار فإنه سيلاحظ تحسّنا في الحالة المزاجية لكبار السن. وشخصيا شاهدت ومازلت أشاهد شيوخا بدأوا نشاطهم البدني العام بأجساد منهكة وأكتاف متهدلة فصاروا اليوم أكثر نشاطاً وحركة وروحاً معنوية.. ويظهر ذلك في ما يبدوه من تصرفات إيجابية تجاه بعضهم وبروح شبابية لافتة.. * إن مشكلة البعض عندما تُحرِّضه على الحركة من خلال ممارسة الرياضة من أجل الحياة والصحة يعتقد بأنك تكلِّمه عن العلاقة بين الكسل وبين الموت، مستشهداً بكون الحياة والموت بيد الله، غير مدرك أنك تتفق معه في ذلك، لكن على الإنسان أن يجتهد في الأخذ بالأسباب فيموت وهو في سلام جسدي ونفسي وبدون معاناة، وأن المقصود هو أن نعيش أفضل،ولا أقول أطول.. * ويكون النشاط الرياضي الجماعي صحبة أصدقاء بديعاً ومتعدد الفوائد، ومن ذلك فائدة كون النشاط مفتاحا للحياة السعيدة المتشبعة بحيوية من روح الشباب، وعلى العكس فالوحدة بدون نشاط رياضي تجعل معدل الشيخوخة في تسارع.. * من الجميل أن نراجع الكيفية التي نعيش بها..كيف وماذا نأكل..؟ وهل نمارس الرياضة التي تناسب كل منا وكيف نستخدم عقولنا دونما أوجاع لم تكن محتومة لولا اساليب العيش التي نختارها لأنفسنا حيث الإهمال والكسل على حساب نشاط بدني وترويحي لا يراه العقلاء إلا استثمارا في الصحة..؟ * والخلاصة.. الرياضة من أجل الصحة لا ينبغي أن تكون مجرد شعور طارئ، أو فرحة زائلة، وإنما إحساس وطَرْق مستمر لأبواب الحيوية والسعادة..