النهوض بالاقتصاد يأتي في مقدمة اهتمامات حكام الخليج

يبرز الاهتمام بسياسات تنويع مصادر الدخل وتنمية القطاعات الاقتصادية جليا هذه الأيام في مضامين ومحاور تصريحات وخطابات ورؤى حكام دول الخليج، تفرضه العديد من المتغيرات والتطورات المحلية والإقليمية، يأتي في مقدمتها انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية وتأثيراته الحادة في ظل اعتماد الاقتصاد الخليجي على إيراداته بنسب تتجاوز الـ 80% من مجمل الإيرادات الحكومية لبعضها، وما فرضه هذا الواقع من تحديات سارعت في العمل على صياغة سياسات فاعلة ورؤى شاملة لتعزيز وتنمية الموارد والاستثمارات في مختلف القطاعات الاقتصادية لتقليل نسب الاعتماد على موارد النفط، ارتفاع عدد الباحثين عن عمل من المواطنين في العديد من هذه البلدان والتي تنمو بمتوسط (4% على مدار السنوات الثمانية السابقة) وتبرز أكثر حدة في كل من سلطنة عمان - مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية، فيما اعتبرت قطر أقل الدول ارتفاعا في معدلات البطالة، وما تتطلبه بالتالي من معالجات وتوفير لفرص العمل، نظرا لأنها تشكل خطرا على الأمن والاستقرار وتقلل من مستوى الرخاء الذي وصل إليه المواطن الخليجي، الخلل والإشكالات التي تشهدها أسواق العمل الخليجي في ظل الارتفاع المتواصل في عدد العمالة الأجنبية وتأثيراته الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والقانونية والأمنية، وأخيرا ما تشهده العديد من دول العالم من مشاكل اقتصادية وأزمات مالية وتراجع في النمو، وما تحمله من رسائل ومضامين تؤكد على أهمية الاقتصاد ودوره الحيوي في نمو وتقدم واستقرار وازدهار الدول والشعوب والسعي الحثيث لوضع الوقايات وتوفير الضمانات كي لا يصل الأمر بدول المنطقة إلى انهيار اقتصاداتها في المستقبل. وفي هذا الإطار فقد أكد جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم خلال ترؤسه لاجتماع مجلس الوزراء يوم الثلاثاء الماضي 26/أبريل 2016، على (أهمية المضي قدما في سياسة التنويع الاقتصادي وإيجاد مصادر اخرى مستدامة للدخل وبما يؤدي إلى التكيف مع جميع المتغيرات)، ولا شك أن أزمة أسعار النفط وما خلفته من تأثيرات تمثلت في العمل على ترشيد الإنفاق الحكومي وزيادة الرسوم على بعض الخدمات ورفع الدعم عن الوقود... تأتي في مقدمة تلك المتغيرات، وأكد جلالة السلطان في هذا اللقاء على (ضرورة المحافظة على ما تحقق من إنجازات ومواصلة تطوير القدرات وتأهيل الكوادر العمانية لتحقيق انطلاقة إنتاجية في كافة القطاعات من خلال الاستفادة المثلى من الموقع الجغرافي الفريد للسلطنة والعمل على تشجيع الاستثمارات الداخلية والخارجية للمشاريع الإنتاجية ذات النفع العام التي توفر المزيد من فرص العمل للمواطنين وتحقق مردودا مجزيا على الاقتصاد). وقبلها بيوم واحد فقط قدم الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد في المملكة العربية السعودية في مقابلة له مع قناة العربية 33 عنواناً عن الرؤية السعودية، التي (تمثل أهداف المملكة في التنمية والاقتصاد لـ 15 سنة مقبلة)، واعتبر الأمير أن سنة (2015 هي سنة الإصلاح السريع وستكون 2016 إصلاحا سريعا ممنهجا ومخططا له). ووصف الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رؤية الأمير السعودي الاقتصادية، بأنها (مليئة بالطموح والأمل للمملكة وللمنطقة.. وقيادة شابة ستفاجئ العالم بإنجازاتها). وقبلها بعدة أشهر، وفي نوفمبر 2015م، أكد صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر في افتتاح دور الانعقاد الرابع والأربعين لمجلس الشورى بأن (رؤية قطر الوطنية “2030”، تهدف إلى تحويل قطر إلى دولة متقدمة، قادرة على تحقيق التنمية المستدامة وعلى تأمين استمرار العيش الكريم لشعبها جيلا بعد جيل، بالسعي إلى تطوير اقتصاد متنوع، يتناقص اعتماده على الهيدروكربون، ويتجه الاستثمار فيه نحو الاقتصاد المعرفي، وتتزايد فيه أهمية القطاع الخاص..). فهل ستشهد منطقة الخليج نهضة اقتصادية شاملة واستثمارا ناجحا في مختلف الموارد والقطاعات، البشرية والسياحة والصناعة والتجارة والأسماك والمعادن والموانئ والنقل...؟ هل ستتحول الأضرار التي ألحقتها أسعار النفط المنهارة إلى دروس قيمة ومنافع عظيمة، إلى خطط وبرامج وأنشطة ورؤى ومضامين حديثة في السياسات الاقتصادية، قادرة على تحرير الاقتصاد الخليجي من هيمنة وقيود الاعتماد على النفط كمورد أساسي؟، ما زال من المبكر الحكم على نتائج ونجاح الخطط والبرامج والاستراتيجيات التي تطرح في دول الخليج على أرض الواقع، ولكن ما نتمناه أن تنتقل سريعا إلى مرحلة التنفيذ، وأن تحقق الأهداف والغايات التي تم الإعلان عنها؟.