الظلم موجود في كل المجتمعات لأسباب سياسية واجتماعية وثقافية وغيرها. من أهم مؤشرات الظلم فجوة الثروة والدخل. هذه الفجوة ممكن أن تكون واسعة وظالمة، مما يعني وجود الكثير من الفقر والعديد من الفقراء. من المؤشرات المعلنة المخيفة حصة الأغنياء المرتفعة من الدخل الوطني حتى في الغرب. الاحصائيات أسوأ في أغلبية الدول النامية والناشئة. حصة ال 1% الأكثر غنى في الولايات المتحدة وأوروبا ارتفعت من 8% من الدخل القومي في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي الى 11% اليوم في أوروبا و 20% في الولايات المتحدة. حصة ال 1% الأكثر غنى من الثروة الوطنية في الولايات المتحدة ارتفعت من 25% من أواخر القرن الماضي الى 40% اليوم. هذه الوقائع سببت نشوء وازدهار اليمين المتطرف عالميا وخاصة في أوروبا. كما سببت الغضب الواضح تجاه المهاجرين والأجانب تجاه الأغنياء. خطورة هذه الأرقام لا تقتصر على الاقتصاد بل تصل الى السياسة والمستقبل. في سنة 1980، حصة ال 50% الأكثر فقرا كانت 20% في جانبي المحيط الأطلسي. أما اليوم، انخفضت هذه النسبة الى 12,5% في أميركا و 18% في أوروبا. ماذا تعني؟ تدني مستوى العدالة الاجتماعية وزيادة الظلم حتى في الدول التي تحترم هذه المبادئ أو أقله تنادي بها. العدالة تبقى أفضل في أوروبا من أميركا بسبب التنوع والثقافة والسياسات والتاريخ وغيرها، الا أن الظلم واقع في كل المجتمعات. بني المجتمع الأميركي على الجهد والعمل والطموح في سبيل التقدم، أي على تحسن الأوضاع المادية للأجيال المتتالية وهذا لا يحصل الآن. نسبة الأولاد الذين يكتسبون دخلا أعلى من أهلهم تدنت في أميركا من 90% في أربعينات القرن الماضي الى 50% اليوم مما يشير الى التغيير الكبير في المجتمع الأميركي. من الممكن في مجتمعات معينة ايجاد نسبة كبيرة من الفقراء تحصل على الحد الأدنى من المادة. من الممكن أيضا في مجتمعات أخرى ايجاد نسب قليلة من الفقراء جائعة ومريضة. دائما، الفقر ظلم خاصة عندما لا تقوم الحكومات بمحاولات جادة لتخفيفه. وجود مجتمع مدني نزيه يبقى أساسي لمواجهة الفقر ومساعدة الفقراء، علما أن الفساد بدأ يمتد الى المجتمع الخيري بسبب الجشع وغياب الضمير. كما الفساد موجود في السياسة وبين السياسيين، فهو موجود حتما في منظمات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية. تتسع فجوة الدخل في كل الدول حتى في المجموعة الاسكندينافية المتقدمة انسانيا. لهذا التوسع أسباب متعددة أهمها العولمة السريعة التي لم يستطع الجميع اللحاق بها. وسعت الشرخ بين المواطنين وقسمت المجتمعات الى مجموعات متباينة مشتتة. أحدثت العولمة نموا كبيرا في الاقتصادات، لكن دون أن تتوزع المغانم بشكل عادل. هنالك أيضا التطور المؤسساتي الذي عقد المتابعة الدورية الكاملة. أخيرا توسعت الفجوة أيضا بسبب التطور التكنولوجي الكبير من ذكاء اصطناعي وغيره الذي عقد الأمور وجعل من هو غير مجهز تقنيا يتأخر عن قطار المتابعة والتطور.