رسالة من كندا

بعد تسع سنوات من الدراسات والتخطيط أعلنت مجموعة كندية انها وضعت على الرف مشروعا طموحا لانتاج المزيد من نفط الرمال كان يتوقع له أن يزيد حجم الانتاج النفطي الكندي بحوالي 5 في المائة. قرار الشركة هذا وفر على الحكومة عبء اتخاذ قرار كان يمكن أن تكون له تبعاته السياسية والاقتصادية خاصة في ضوء المعارضة المتزايدة للوقود الاحفوري عموما والضغوط للمضي قدما في المشروع لما يوفره من فرص اقتصادية. تنتج كندا ستة ملايين برميل نفط يوميا، الامر الذي يضعها في المرتبة الرابعة عالميا كما انها بين أكبر ثلاثة مزودين للنفط الى السوق الامريكية المجاورة، على ان 60 في المائة من النفط الكندي مما يطلق عليه نفط الرمال وهو صعب الاستخراج والتكرير ويعتبر أكثر تلويثا للبيئة، وهو ما يجعله في دائرة الاستهداف بالنسبة للناشطين في هذا المجال. وشهدت كندا خلال الاسابيع الماضية قيام بعض هذه المجموعات بمساندة لخطوات قطع خط السكة الحديد الذي يربط شرق كندا بغربها في مسعى لوقف مشروع لخط أنابيب نفط يمر بأراضي لمجموعة من الهنود أهل البلاد الاصليين.  واذا كان للتطور الذي شهدته السوق الامريكية وزيادة انتاجها المحلي لدرجة الاتجاه الى التصدير دور في تأجيل العمل بالمشروع الكندي، فإن التوقعات الخاصة بمعدلات الطلب العالمي على النفط أصبحت تثير أسئلة جدية عن جدوى المشروع. ووفقا لآخر تقديرات الوكالة الدولية للطاقة فإن الطلب الحالي للنفط المقدر بحوالي 100 مليون برميل يوميا تزيد كل عام بنحو 1 في المائة مرشح للتراجع في غضون خمس سنوات، ويمكن لهذا التراجع أن يستقر في 2040 ليصبح الطلب العالمي على النفط 67 مليونا وذلك بسبب تصاعد القيود والاجراءات الخاصة بالاستهلاك وتصاعد الوعي البيئي وترجمته في سياسات وممارسات حكومية ومجتمعية. سبب رئيسي آخر يتمثل في معدلات الاسعار المتوقعة التي تعزز من جدوى المشروع وتجعل من اليسير تسويقه الى المستثمرين. ووفقا لبعض المحللين فمن المهم أن يرتفع معدل سعر خام تكساس الوسيط بحوالي 15 دولارا من معدله الحالي وأن يستقر في ذلك المستوى لفترة عقد من الزمان، وهو أمر لا يمكن التحكم به أو الجزم به في ظروف السوق المتقلبة وعدم قدرة أي جهة على التأثير فيه لفترة طويلة. في قرارها الخاص بتعليق العمل في المشروع قالت المجموعة الكندية انه لا يمكن لمشروع واحد أن يوفر الاجابات على كل الاسئلة المطروحة حاليا في المشهد العام.  وفي واقع الامر فإن الامر لا يقتصر على كندا وحدها، وإنما الاسئلة المشار اليها تطال مجمل السوق النفطية وكيفية التوصل الى أطر حكومية ومجتمعية عامة يمكن التوافق عليها في إطار المواءمة بين الاحتياجات المتنامية لاستغلال الموارد الطبيعية المتاحة في كل بلد مع الاعتبار للقضايا البيئية الضاغطة.