تشهد سوق الأضاحي في مصر حالة من الركود قبل أيام قليلة من عيد الأضحى في ظل عدم قدرة الكثير من المصريين على الشراء بسبب تدني دخولهم، وسط جنون الأسعار الذي اجتاح كل السلع والخدمات عقب الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها مصر في الأشهر العشرة الماضية.
ويقول كريم الشرقاوي تاجر ماشية من الفيوم لرويترز، الإقبال ضعيف للغاية. العام الماضي كنت أبيع من 10 إلى 15 رأس ماشية في الأسبوع، وهذا العام أبيع نحو 3 رؤوس فقط أسبوعيا. نعم، هناك ارتفاع في الأسعار، لكن انظر أيضا إلى أسعار الأعلاف وإلى أين وصلت؟
وقال محمد شرف نائب رئيس شعبة القصابين باتحاد الغرف التجارية، الإقبال على الشراء أقل من المتوسط.. التراجع بسبب قرب العام الدراسي الجديد ومصروفاته الكثيرة، ولذا شراء اللحوم يأتي في أولوية متأخرة لدى المواطنين. أسعار العجول وصلت إلى 60 ألف جنيه مقابل 40 ألفا العام الماضي، ووصل متوسط سعر الخروف إلى 4 آلاف جنيه من 2500 جنيه العام الماضي .
وقال كريم قرني صاحب محل جزارة الجزارون (القصابون) يتعرضون لخسارة بسبب حالة الركود. أغلقت محلي العام الماضي عقب عيد الأضحى لمدة 3 أشهر .
ولم تستطع سناء إبراهيم، ربة منزل، أن تخفي غضبها وهي تتحدث مع مراسل رويترز في الفيوم قائلة: مفيش أضحية السنة دي.. فرحة العيد راحت خلاص. الأسعار مش معقولة واحنا مش قادرين نستحمل الوضع ده .
وفي إطار الإصلاحات، حررت الحكومة سعر الصرف في نوفمبر ورفعت أسعار المواد البترولية مرتين خلال أشهر قليلة، فضلا عن زيادة أسعار الكهرباء والمياه والدواء والمواصلات.
ويشكو مصريون من بين ملايين يعيشون تحت خط الفقر من أنهم قد لا يجدون قوت يومهم بعد القفزات المتتالية في الأسعار، بما في ذلك مترو الأنفاق الذي يستخدمه ملايين المواطنين. ويبلغ الحد الأدنى للأجور في مصر 1200 جنيه.
وقالت نوال محمد، ربة منزل، في محافظة كفر الشيخ لرويترز، عيد الأضحى سيعقبه دخول المدارس. زوجي يعمل موظفا بالمحليات. نحن أمام معضلة حقيقية وحيرة من توفير احتياجات المدارس مع مصاريف العيد. لن نشتري لحوما كثيرة، سنكتفي باللحوم المجمدة أو لحوم وزارة التموين .
وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في وقت سابق هذا الشهر أن معدل التضخم السنوي في مدن مصر قفز إلى 33% في يوليو من 29.8% في يونيو مع تسارع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية المؤلمة.
وهذا هو أعلى مستوى للتضخم في المدن منذ يونيو 1986 عندما بلغ 35.1% وفقا لحسابات رويترز، كما أنه ثاني أعلى مستوى على الإطلاق منذ بدء تسجيل بيانات تضخم المدن عام 1958.
وفي الشرقية قال يوسف عبدالحميد صاحب محل منظفات، مصاريف إيجار الشقة والمحل ومدارس الأولاد تستنزف كل دخلي تقريبا. لا أشتري اللحوم البلدية (المحلية) نهائيا وأعتمد على لحوم القوات المسلحة ووزارة التموين .
ولجأ بعض المصريين هذا العام إلى شراء الأضاحي بالتقسيط أو بالمشاركة مع الأصدقاء والأقارب للتغلب على ارتفاع الأسعار والذي يتراوح ما بين 30 و50% في بعض المحافظات.
وقال رمضان فتحي من محافظة مرسى مطروح، العيد في مطروح هو الأضحية، وبدونها لا تفرح الأطفال.. يبدو أننا سنلجأ لشراء الأضحية بالتقسيط من أجل أطفالنا .
ورغم تحرك الحكومة لتخفيف وطأة الإصلاحات الاقتصادية بإجراءات من بينها زيادة الدعم لبطاقات التموين والمعاشات ومنح علاوات غلاء، يضج المصريون بالشكوى من الغلاء الطاحن الذي يلتهم الدخل ويعجزون معه عن تدبير احتياجاتهم الأساسية.