بعد تسعة أشهر على التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، باشرت بريطانيا رسميا أمس، عملية بريكست التاريخية للانفصال عن الاتحاد الأوربي، الذي انضمت إليه بتحفظ قبل 44 عاما، وتشمل عامين من المفاوضات الصعبة قبل الانفصال التام في ربيع 2019. وقامت رئيسة الوزراء تيريزا ماي بهذا الاعلان التاريخي غير المسبوق في تاريخ المشروع الأوروبي والذي صادف الذكرى السنوية 60 لتأسيسه في نهاية الأسبوع الماضي، امام البرلمان.
وجاء في خطاب ماي عندما سأجلس الى طاولة المفاوضات في الأشهر المقبلة، سأمثل كل الناس في المملكة المتحدة، الشباب والمسنين، الأثرياء والفقراء، وأيضا المواطنين الأوروبيين الذين اتخذوا من هذا البلد موطنا لهم .
وأضافت نريد جميعا أن نعيش في بريطانيا عالمية تبني علاقات مع أصدقائها القدامى وحلفائها الجدد في مختلف أنحاء العالم . وسيسلم السفير البريطاني إلى بروكسل تيم بارو الرسالة الرسمية لبدء آلية بريكست والتي وقعتها ماي مساء الثلاثاء، في الوقت نفسه إلى رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك.
الجدول الزمني: أمام بريطانيا والاتحاد الأوروبي مهلة عامين لإنهاء مفاوضات الخروج، إلا في حال تصويت بالإجماع على تمديد هذه المهلة. تعقد الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي اجتماعا من دون بريطانيا في 29 أبريل في بروكسل لتبني خط المفاوضات مع بريطانيا. من المرجح أن تبدأ هذه المحادثات في غضون شهرين، فقد شدد كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي حول بريكست ميشال بارنييه على ضرورة التوصل إلى اتفاق قبل أكتوبر 2018 لإنهاء الإجراء ضمن المهلة المحددة مما لا يترك عمليا سوى 15 أو 16 شهرا للتفاوض.
المفاوضات: يستهل الأوروبيون المفاوضات بتقديم فاتورة الخروج إلى بريطانيا والمقدرة بنحو 60 مليار يورو، بما يشمل التزامات قطعتها لندن في إطار الموازنة الأوروبية حتى العام 2020، وأيضا تسديد رواتب التقاعد لموظفي الإدارات الأوروبية.
الخروج من السوق الموحدة: من المقرر أن تخرج بريطانيا من السوق الموحدة وأيضا من محكمة العدل الأوروبية. إلا أن ماي تأمل بالاحتفاظ بأكبر منفذ ممكن إلى السوق الموحدة، من خلال اتفاق جديد للتبادل الحر، جريء وطموح لا يزال مجهولا.
السيطرة على الهجرة: أكدت ماي أن بريطانيا بلد منفتح ومتسامح لكن رسالة الشعب كانت واضحة جدا: الخروج من الاتحاد الأوروبي يجب أن يتيح السيطرة على عدد الأوروبيين القادمين إلى بريطانيا وهذا ما سنقوم به .
وستسعى ماي في الوقت نفسه إلى ضمان حقوق نحو 1.2 مليون بريطاني يقيمون في دول أوروبية من خلال المقايضة حول شروط إقامة أكثر من 3 ملايين أوروبي على أراضي بريطانيا.
اتفاق مرحلي: تشمل المادة 50 فقط انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي. أما العلاقات المستقبلية، وخصوصا التجارية وأيضا القضائية، فيجب أن يتم تحديدها في إطار محادثات أخرى يمكن أن تستغرق سنوات. ولذلك طرحت فكرة اتفاق مرحلي لتفادي خروج مفاجئ جدا وخصوصا بالنسبة للشركات، بانتظار التوصل إلى اتفاق نهائي.
دور للبرلمان: ستتم استشارة البرلمان البريطاني حول الاتفاق الذي سيتم التوصل إليه بعد المفاوضات مع بروكسل قبل توقيعه. لكن لن تكون لديه صلاحية تعديل النص. وإذا لم يوافق البرلمان على نتيجة المفاوضات فعندها سيتم الخروج من دون اتفاق.
فشلت المفاوضات: ستجد بريطانيا نفسها ملزمة بالاتفاقات التجارية الموقعة في إطار منظمة التجارة العالمية والتي تفرض رسوما وحواجز جمركية بين الدول دون أن تمنح وضعا تفاضليا.