المركزي السوداني يقاضي 34 شركة دواء تلاعبت في النقد الأجنبي

الجنيه السوداني يعاني موجة جديدة من التراجع أمام العملات الأجنبية بالسوق السوداء

لوسيل

الخرطوم - أبو القاسم إبراهيم

سجلت قيمة الجنيه السوداني تراجعاً كبيراً خلال اليومين الماضيين بالسوق السوداء مقابل العملات الأجنبية بسبب زيادة الطلب وتراجع الحكومة السودانية الأسبوع الماضي عن استيراد المواد البترولية للقطاع الصناعي، فضلاً عن الحصار الاقتصادي والمصرفي الأمريكي الذي أدى إلى استمرار نزيف تآكل احتياطيات السودان من النقد الأجنبي منذ انفصال جنوب السودان وفقدان 70% من عائدات البترول، حتى أصبح 90% من التحويلات المصرفية القادمة والصادرة من السودان تتم عبر الطرق والمنافذ غير الرسمية. وسجل سعر صرف الدولار مقابل الجنيه يوم الثلاثاء 14.50 جنيه وسجل الأربعاء ارتفاعا آخر وصل إلى 14.70 جنيه بدلاً من 13.70 جنيه الشهر الماضي، وسط توقعات باستمرار انخفاض قيمة الجنيه وارتفاع سعر العملات الأجنبية مقارنة بسعره الرسمي لدى بنك السودان البالغ 6.1 جنيه مقابل الدولار و6.4 جنيه سعر البنوك والصرافات.

وكان عدد من الخبراء الاقتصاديين والمصرفيين طالبوا الحكومة بتحرير سعر الصرف وإلغاء سياسة سعر الصرف المرن المدار التي تتبعها الحكومة لكن بنك السودان رفض هذه المطالب وتمسك بالسعر الرسمي ولكنه اتخذ حزمة من السياسات النقدية للسيطرة على سعر الصرف، منها خصم 10% من عائدات النقد الأجنبي الخاصة بالمصدرين السودانيين يتم توريدها للبنك المركزي لصالح استيراد الاحتياجات الدوائية، ووقف استيراد بعض السلع الكمالية، لكنها لم تحقق أي نتائج إيجابية حسب الواقع.
وأعلن بنك السودان الأربعاء أنه حرر بلاغات لدى أمن الدولة لمقاضاة 34 شركة دواء ورجال أعمال تلاعبوا في النقد الأجنبي المخصص لاستيراد الدواء وكون وزير العدل السوداني لجنة للتحقيق مع الشركات المتهمة بالتلاعب في النقد الأجنبي. وأكد حاج ماجد سوار الأمين العام لجهاز تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج في تصريحات صحفية، أن تقديرات تحويلات السودانيين العاملين خارج السودان تصل إلى 4 مليارات دولار سنوياً، قاطعاً بعدم دخول دولار واحد من هذه التحويلات عبر بنك السودان أو المصارف والصرافات، نتيجة لفرق السعر الذي تجاوز الضعف بين السعر الرسمي والسوق السوداء.
وبرر تجار نقد أجنبي بالسوق السوداء لصحيفة لوسيل الارتفاع المفاجئ لسعر صرف الدولار مقابل الجنيه السوداني لارتفاع الطلب على الدولار وقلة المعروض في السوق. توقع الدكتور عصام الزين الماحي الخبير المصرفي والمدير الأسبق لسوق الخرطوم للأوراق المالية في تصريح خاص لصحيفة لوسيل ، أن يواصل الجنيه السوداني انهياره أمام العملات الأجنبية نتيجة الفجوة الكبيرة في النقد الأجنبي والحصار المصرفي والاقتصادي على السودان إلى جانب عوامل أخرى. وأشار إلى ظهور ظاهرة جديدة وصفها بالخطيرة وهي اتجاه المستثمرين السودانيين وغيرهم إلى تحويل مدخراتهم من الجنيه السوداني إلى العملات الأجنبية والاحتفاظ بها خارج النظام المصرفي للحد من تآكل روؤس أموالهم بسبب ارتفاع معدلات التضخم. وأضاف: طلما أن هناك طلبا أكبر من العرض سيواصل الجنيه السوداني انهياره أمام العملات الأجنبية. وأكد الدكتور عصام أن مصادر موارد النقد الأجنبي لبنك السودان المركزي أصبحت شحيحة وتركز على عائدات صادر الذهب، مشيراً إلى أن فاتورة الاستيراد الشهري للحكومة السودانية تبلغ نحو مليار دولار وحجم العجز في النقد الأجنبي يصل إلى 5 مليارات دولار في العام مقابل صادرات لا تتجاوز الـ6 مليارات دولار. وأشار الدكتور عصام إلى أن اندلاع الحرب في دولة جنوب السودان عطل الحصول على رسوم تصدير البترول التابع لدولة جنوب السودان.