صعدت أسعار النفط أمس الجمعة، وظل خام برنت متماسكا قرب مستوى 70 دولارا للبرميل، إذ طغت بيانات اقتصادية أمريكية إيجابية وتوقعات بانتعاش للطلب العالمي على مخاوف حيال زيادة الإمدادات من إيران عند رفع العقوبات، صعد برنت 24 سنتا بما يعادل 0.4 بالمئة إلى 69.70 دولار للبرميل، فيما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 35 سنتا أو 0.5 بالمئة إلى 67.20 دولار للبرميل. وقال أويجن فاينبرج المحلل لدى كومرتس بنك بدعم البيانات الاقتصادية الجيدة والإقبال على المخاطرة من جانب المستثمرين في الأسواق المالية، يتجه برنت من جديد إلى مستوى 70 دولارا للبرميل المهم نفسيا . وأضاف المخاوف بشأن الطلب بسبب الجائحة تنحسر بفعا التفاؤل في ضوء العودة السريعة للمستهلكين .
ويتجه برنت وغرب تكساس الوسيط كلاهما لتسجيل مكاسب أسبوعية خمسة بالمئة وستة بالمئة على الترتيب. ويتوقع المحللون أن يرتفع الطلب العالمي على النفط إلى ما يقرب من 100 مليون برميل يوميا في الربع الثالث من العام بدعم موسم السفر الصيفي في أوروبا والولايات المتحدة، وذلك بعد برامج التطعيم الواسعة النطاق باللقاحات المضادة لفيروس كورونا. وقال محللون من إيه.إن.زد في مذكرة الطلب على البنزين يتجاوز حاليا مستويات 2019 في بعض المناطق .
وقدمت بيانات اقتصادية قوية من الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد ومستهلك للنفط في العالم، الدعم أيضا، إذ انخفض عدد الأمريكيين المتقدمين بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة إلى أدنى مستوى منذ منتصف مارس آذار 2020، وهو ما جاء أفضل من التوقعات. وضغط ارتفاع وتيرة حالات الإصابة بفيروس كورونا في آسيا على الأسعار. فقد تجاوز عدد الإصابات في منطقة جنوب آسيا 30 مليونا اليوم وفقا لإحصاء أجرته رويترز، وذلك بقيادة الهند التي تعصف بها موجة ثانية من كوفيد-19 وعجز في اللقاحات بمختلف أنحاء المنطقة.
وحدت من المكاسب أيضا الاحتمالات المتعلقة بزيادة النفط الإيراني في الأسواق. وتتفاوض إيران والقوى العالمية في فيينا منذ أبريل نيسان للتوصل إلى خطوات يتعين على طهران وواشنطن اتخاذها بشأن العقوبات والأنشطة النووية من أجل العودة إلى الامتثال الكامل لاتفاق إيران النووي المبرم في 2015 مع القوى العالمية.
من جانبها قالت ريستاد إنرجي الاستشارية أمس الجمعة إنه ثمة حاجة إلى الآلاف من آبار النفط والمئات من الحقول الجديدة لتلبية الطلب العالمي حتى إذا تراجع تراجعا حادا بحلول منتصف القرن. وتتناقض رؤية محللي الشركة التي مقرها أوسلو تناقضا صارخا مع استنتاجات وكالة الطاقة الدولية، التي قالت الأسبوع الماضي إن على المستثمرين عدم تمويل مشاريع النفط والغاز والفحم الجديدة إذا أراد العالم الوصول إلى صفر صافي انبعاثات بحلول منتصف القرن.
ويتوقع تصور وكالة الطاقة تراجع الطلب على النفط إلى 24 مليون برميل يوميا بحلول 2050، بينما تتوقع ريستاد إنخفاضه إلى 36 مليون برميل يوميا. وقالت الشركة الاستشارية في مذكرة في ضوء تراجع إنتاج آبار النفط أكثر من 20 بالمئة سنويا في المتوسط، فإن صناعة النفط العالمية ستحتاج إلى حفر آلاف الآبار الجديدة في الحقول القائمة، إضافة إلى تطوير حوالي 900 بئر نفط جديدة بموارد إجمالية نحو 150 مليار برميل.
وأضافت أن معظم تلك المشاريع من المتوقع أن يكون إعادة تطوير أو توسعات، مما يعني أن الاستثمارات الضرورية ستكون متوسطة مع إعادة استخدام البنية التحتية القائمة بالفعل. وقالت ريستاد إن المشاريع ضرورية لإضافة نحو عشرة ملايين برميل يوميا في ثلاثينيات القرن الحالي، إذ تتوقع معدلا أبطأ لتراجع الطلب عما تتوقعه وكالة الطاقة، التي قالت الشركة الاستشارية إنها تبالغ في تقدير نمو الوقود الحيوي والتغيرات السلوكية. وتابعت أنه حتى إذا استقر الطلب النفطي عند 36 مليون برميل يوميا في 2050، فسيظل من الممكن تحقيق هدف الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية مقارنة مع الحقب ما قبل الصناعية.
ومن المرجح أن يلقى تحليل ريستاد ترحيبا من شركات النفط والبلدان المنتجة له، مثل النرويج، التي تشكك في استنتاجات وكالة الطاقة الدولية التي تقوض مبررات القطاع لمواصلة إنتاج الخام في المدى المتوسط. وتقول منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إن عدم الاستثمار في مشاريع جديدة قد يفضي إلى مزيد من تقلبات الأسعار.