

هل نحاسب يوم القيامة كما يحاسب المسلمون في عصور سبقت، ونحن محاطون بالفتن من كل مكان، فيما كان كل ما يحيط بهم يدعوهم إلى طريق الرشاد؟
ويجيب عن هذا السؤال فضيلة الدكتور فضل مراد أستاذ الفقه والقضايا المعاصرة بكلية الشريعة في جامعة قطر، قائلاً: الحساب للأولين والآخرين على حسب قدرتهم واطاقتهم للتكليف، فالله سبحانه وتعالى يقول: «اتقوا الله ما استطعتم». وهذه الآية ميزان للشريعة في كل أمورها، من العبادات إلى المعاملات إلى الأسرة إلى العادات إلى كل مفاصل الشريعة.
وأضاف: التكليف دائر على الوسع، فيحاسب على وسعه، سواء في عباداته، فالله سبحانه وتعالى لا يكلف في العبادة الا بقدر ما يستطيع الانسان، فالمريض إذا لم يستطع الصلاة صلى قاعداً، ثم صلى على جنبٍ، والصائم إذا كان لا يستطيع الصوم جوز له الشرع أن يفطر، ثم يقضي، والحامل والمرضع تفطران ثم تقضيان، والشيخ الكبير العاجز عن الصوم يفدي.
وتابع: كذلك الحج، فقد شرعه الله لمن استطاع إليه سبيلاً، وكذلك الزكاة لمن ملك نصاباً من المال، وهكذا سائر العبادات والأمور الشرعية، فهي بحسب القدرة والاطاقة، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، فالنفقات على الأولاد وعلى الزوجة يكون بحسب الاطاقة، فلا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها.
وأشار د. فضل مراد إلى أنه على ضوء هذا نحاسب يوم القيامة، فمن كان مكلفا بعمل إنما يحاسبه الله بحسب قدرته، والقدرة تختلف من القدرة البدنية والقدرة العقلية والقدرة المالية، وكذلك من ناحية الظروف، فما يحيط بالإنسان يؤثر في قدرته.
وأوضح أن أول الإسلام كان الدين غريباً، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم سيعود غريباً فطوبى للغرباء، ففضل النبي صلى الله عليه وسلم الصنف الأول من الغرباء، لأنهم كانوا بلا معين وكان الناس يتكالبون عليهم ويتحزب الأحزاب ضدهم، فصبروا وواجهوا المشقات في أموالهم وأبدانهم وأهليهم وشردوا من ديارهم.
وقال د. فضل مراد: طوبى للغرباء، الغرباء في أول الأمر والغرباء في اخره، يجازيهم الله سبحانه وتعالى بالجزاء الحسن، وجاء في الأحاديث على أنه تأتي أيام صبر يكون القابض فيها على دينه كالقابض على الجمر، وللصابر فيها أجر خمسين، فوردت الروايات التي تشير إلى تفضيل الصابر القابض على دينه على المتمسك بدينه في حال السعة والدعة والقدرة.
وأضاف: الله يحاسبنا على التكليف بقدر استطاعتنا، استطاعة بدنية واستطاعة عقلية واستطاعة إمكانية من الإمكانات التي حولنا، سواء المالية أو غيرها، وبحسب الظروف والاحوال التي نعيشها.