شكلت الحوافز الحكومية والسياسات والإصلاحات الهيكلية التي تبنتها الحكومية، والاستقرار الاقتصادي والبنية التحتية القوية، مناخا تنظيميا ملائما يدعم قطاع الأعمال المحلي، وريادة الأعمال ودفع قطر للحصول على المرتبة الأولى في مؤشر بيئة ريادة الأعمال المحلية بين جميع دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والمرتبة الثالثة عالمياً في مؤشر بيئة ريادة الأعمال المحلية بعد سويسرا وهولندا.
ويقدم مؤشر بيئة ريادة الأعمال نظرة عامة مركبة عن محاور إطار العمل الريادي في دولة ما، ويقيس المرصد العالمي لريادة الأعمال هذا المؤشر لكل بلد باستخدام إجابات الخبراء على أسئلة محاور الإطار الاثني عشر.
ويشكل المؤشر لواضعي السياسات والممارسين وغيرهم من الأطراف المعنية الرئيسية معلومات عن قوة البيئة العامة لريادة الأعمال.
أكد السيد عبد العزيز بن ناصر آل خليفة الرئيس التنفيذي لبنك قطر للتنمية أن ريادة الأعمال تلعب دوراً مؤثراً في النمو الاقتصادي الشامل والمستدام لدولة قطر، ومصدراً لحلول مبتكرة تدعمها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ولها أثر طويل الأمد على الاقتصاد المحلي، ومصدر أساسي لنمو الوظائف الجديدة، منوهاً أنه لتعزيز مجتمع ريادة الأعمال، يجب تحفيز الإبداع وتشجيع التفكير الابتكاري بين القطريين والمقيمين.
ولفت إلى أن نتائج تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال للعام الماضي تظهر وجود روح ريادية قوية بين سكان قطر البالغين، حيث يرى ثلاثة من كل أربعة مشاركين في الاستبيان فرصاً جيدة لتأسيس عمل جديد. كما تعتقد النسبة نفسها أن لديهم المهارات والمعرفة والخبرة المطلوبة لبدء مشاريع أعمال خاصة بهم.
وأضاف في كلمته التي نشرت في تقرير دولة قطر من واقع بيانات المرصد العالمي لريادة الأعمال، أن هذه الإمكانات الريادية لدى السكان قوية بين الرجال والنساء على حد سواء. النساء في الاقتصادات الأخرى يتخلفن بدرجة كبيرة عن الرجال في معدلات المشاركة في نشاط ريادة الأعمال. أما في قطر، فمعدلات نشاط ريادة الأعمال في المرحلة المبكرة متساوية بين الرجال والنساء. وهذا يدل على أن جهود تحقيق المساواة بين الجنسين في البلد كانت ناجحة، وأن للمرأة دوراً قوياً في اقتصادنا.
ونوه إلى قطر احتلت المرتبة الثالثة في مؤشر بيئة ريادة الأعمال، وسجلت أداء جيداً في جميع محاور إطار العمل الريادي. وقد ساهمت الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة في مجال قوانين العمل، والخصخصة، والمناطق الاقتصادية الخاصة، ورفع سقف ملكية الأجانب في تسهيل الاستثمار والعمل في البلاد وحفزت نشاط ريادة الأعمال. ومن الأمثلة على الإصلاحات الناجحة برنامج التفرغ لريادة الأعمال بقيادة بنك قطر للتنمية بالتعاون مع وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية، لافتاً إلى أن هذا البرنامج يهدف إلى تعزيز ثقافة ريادة الأعمال بين موظفي الدولة ودفع عجلة تطوير مناخ ريادة الأعمال في البلاد.
وتعمل العديد من المؤسسات، العامة والخاصة، على إنشاء بيئة عمل تدعم الشباب وتحفزهم على توجيه ابتكاراتهم وإبداعهم نحو بناء مجتمع مستدام من خلال تحويل أفكار الأعمال إلى منشآت اقتصادية ناجحة. وتركز هذه المؤسسات على تشجيع التفكير الإبداعي في صفوف الشباب وتحويل أفكارهم وتصوراتهم إلى مشروعات قابلة للاستمرار. وقد صممت المبادرات لتقديم الدعم والمهارات اللازمين لمساعدة الشباب في رعاية أفكارهم ودعمها والمساهمة في التنويع الاقتصادي من خلال نمو القطاع الخاص.
وبحسب التقرير تركز قطر على إيجاد مناخ تنظيمي ملائم يدعم قطاع الأعمال المحلي. وتبنت الحكومة القطرية سياسات وإصلاحات هيكلية عديدة للمساعدة في تحفيز الاقتصاد أهمها مبادرات لتحسين بيئة الاستثمار، إستراتيجيات لتشجيع الصناعات التحويلية المحلية لتحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي، توسيع الخطوط الجوية وخطوط الشحن البحري وتشغيل ميناء حمد، السماح لمواطني 80 دولة بدخول قطر بدون تأشيرة، تبنّي سياسات لتعزيز العلاقات مع شركاء الاستيراد والتصدير في قطر، تدابير لتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي، تنفيذ استثمارات حكومية في البنية التحتية والخدمات الاجتماعية وخاصة في التعليم والصحة.
كما تعمل قطر على تمكين القطاع الخاص من ممارسة دور أساسي في تحقيق التنمية المستدامة، فقد دعمت جهود التوطين في الدولة من خلال سياسات المشتريات العامة واحتضان وتسريع مشاريع رواد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة المحلية عبر حاضنة قطر للأعمال وواحة قطر للعلوم والتكنولوجيا وحاضنة الأعمال الرقمية ومركز نماء وغيرها من المؤسسات.
وتم تعزيز حملة التوطين أيضاً من خلال مبادرة توطين التي أطلقت في فبراير 2019 بقيادة شركة قطر للبترول. وقد صممت المبادرة لتعزيز توطين سلسلة التوريد في القطاع وزيادة عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة المشاركة فيها. ويوفر البرنامج بدائل محلية للواردات بقيمة 8 إلى 9 مليارات ريال سنوياً.
يعتبر التركيز على ريادة الأعمال أمراً بالغ الأهمية لتنمية المجتمع القطري وتحقيق تنويع الاقتصاد واستدامته. ويحدد هذا التقرير السياسات المترتبة على تعزيز ريادة الأعمال في الاقتصاد ويقيس أداء قطر في محاور إطار عمل ريادة الأعمال.
وسجلت قطر أعلى مرتبة بين دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المشاركة في الاستبيان في نسبة السكان البالغين الذين يعتقدون أنه من السهل تأسيس شركة جديدة.
وتضاعفت نسبة من يؤمنون بسهولة تأسيس شركة جديدة في قطر من 39.4% في 2017 إلى 66.6% في عام 2019، ما عكس نجاعة الخطط والإستراتيجيات ذات العلاقة التي تتبعها حكومة دولة قطر لتعزيز مناخ بيئة ريادة الأعمال في قطر.
واحتلت قطر المرتبة 19 في هذا المؤشر بين 50 دولة مشاركة في استبيان السكان البالغين، وذلك في مؤشر الخوف من الفشل. وعلى المستوى العالمي احتلت قطر المرتبة الخامسة بين الدول الخمسين في مؤشر نوايا ريادة الأعمال.
ويوافق معظم البالغين في قطر على أن لديهم خطة مهنية طويلة الأجل، وأن كل قرار يتخذونه موجه نحو تحقيق هذه الخطة.
ويعتقد ثلثا البالغين أن الآخرين يعتبرونهم مبتكرين للغاية، وذكر نصف السكان البالغين في قطر أنهم لا يمتلكون مواصفات ريادة الأعمال، حيث قال 50.2% إنهم نادراً ما يرون فرص مشروع أعمال حتى لو كانوا على دراية جيدة بأحوال قطر. وقالت النسبة نفسها إنه حتى عندما يرون فرصة مربحة، نادراً ما يعملون على تحقيقها.
احتلت قطر المرتبة الثانية في هذه المنطقة بعدد السكان البالغين الذين يعتقدون أن الآخرين يعتبرونهم مبتكرين للغاية، وأنهم يتخذون قراراتهم بناء على خطة مهنية.
ويعمل أكثر من نصف رواد أعمال المرحلة المبكرة في قطر 55.4% كانوا في عام 2019 يعملون في قطاع خدمات المستهلك، و26.1% منهم يعملون في قطاع خدمات الأعمال، و7.71% في قطاع الصناعة التحويلية و0.8% في القطاع الاستخراجي. وفي عام 2019، كانت معظم الشركات القائمة تعمل في قطاعي خدمات المستهلك وخدمات الأعمال 45.9% و30.4% على التوالي.
سجل مؤشر نشاط ريادة الأعمال في المرحلة المبكرة في قطر نسبة أعلى من متوسط دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في قطاع خدمات الأعمال وأقل من المتوسط في القطاعات الثلاثة الأخرى.
قال 6.6% من السكان البالغين في قطر إنهم توقفوا عن امتلاك وإدارة شركات إثر توقف نشاطها. وفي ثلاثة أرباع الحالات توقف النشاط بالكامل. ومن أهم أسباب التوقف التي ذكروها ضعف الربحية 33.9%.
سجلت قطر انخفاضاً ملحوظاً في معدل الشركات المتوقفة بين 2016 و2019، فقد انخفض هذا المعدل إلى أقل من النصف بين 2016 و2017 من 14.0% إلى 5.8%. واستمر في الانخفاض ليسجل أدنى مستوى في 2018 3.0% ، ثم ارتفع في عام 2019 بأكثر من الضعف ليصل إلى 6.6%.
وجاءت قطر ضمن الدولة التي سجلت أعلى معدلات نشاط ريادة الأعمال في المرحلة المبكرة حيث احتلت قطر المرتبة 15 عالمياً بين 50 دولة مشاركة في الاستبيان، فيما سجلت مصر وعُمان أدنى المعدلات في المنطقة.
وسجلت قطر أعلى معدل لريادة الأعمال الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما يعني أن الدولة اتخذت مبادرات جديدة لتشجيع سكانها على تأسيس منشآت أعمال. واحتلت قطر المرتبة التاسعة عالميا في هذا المؤشر.
كما احتلت المرتبة الرابعة بين دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المشاركة في الاستبيان في معدل ملكية الشركات الجديدة.
واحتلت قطر المرتبة 81 عالمياً والمرتبة الثانية في المنطقة في مؤشر النشاط الريادي للموظفين. وبشكل عام، يفضل غالبية رواد الأعمال بدء أو إدارة مشروعهم بأنفسهم وليس تحت رعاية صاحب الشركة التي توظفهم.
وبين تقرير استبيان السكان البالغين في قطر دوافع وتطلعات رواد الأعمال في المرحلة المبكرة وأصحاب الشركات القائمة في قطر، حيث أسس 55.5% من رواد أعمال المرحلة المبكرة شركاتهم لإحداث فرق في العالم، مقابل 44.8% من أصحاب الشركات القائمة. وكان دافع 85.3% من رواد أعمال المرحلة المبكرة هو بناء ثروة كبيرة أو تحقيق دخل مرتفع، مقابل 76.0% من أصحاب الشركات القائمة.
وكان دافع أكثر من نصف أفراد الفئتين هو مواصلة تقليد عائلي 52.1% و54.9% على التوالي. فيما كان دافع قرابة ثلثي الفئتين هو كسب العيش لأن الوظائف نادرة.
ويعتبر المرصد العالمي لريادة الأعمال رواد الأعمال عالميين عندما يحققون 25% أو أكثر من مبيعاتهم خارج البلاد. وتعتمد الدول على رواد الأعمال الذين لديهم الطموح والقدرات على دخول الأسواق العالمية.
في عام 2019، كان لدى معظم رواد الأعمال الناشئين وأصحاب الشركات الجديدة في قطر توجه محلي، بمعنى أنهم يتوقعون أن تأتي الإيرادات من العملاء المحليين وليس الدوليين. فهناك ثمانية من كل عشرة رواد أعمال لا يتوقعون تحقيق أي إيرادات من العملاء خارج قطر. ويُظهر رواد الأعمال في قطر مستويات منخفضة من التوجه نحو العالمية، حيث أفاد 13.1% من رواد الأعمال في المرحلة المبكرة و12.6% من أصحاب الشركات القائمة فقط أن 25% أو أكثر من إيراداتهم تأتي من مبيعات دولية.