الاختناقات المرورية تحتاج تسريع إنجاز المشاريع.. وتقنين رخص القيادة

alarab
تحقيقات 28 ديسمبر 2015 , 01:55ص
محمد سيد احمد
اعتبر مواطنون أن قرار إدارة المرور بوقف استبدال رخص القيادة الصادرة من دول مجلس التعاون الخليجي لغير الخليجيين إلا بعد التدرب والنجاح في الاختبار قرارا صائبا يصب في المصلحة الوطنية، ويسهم في الحد من أزمة المرور، بينما رأى آخرون أن أزمة المرور أكبر من مسألة استبدال رخص القيادة الخليجية بالرخصة القطرية، وأنه يجب العمل على حل الأزمة المرورية من جذورها الأصلية؛ وذلك بتسريع إنجاز الطرق وتحسين التحويلات.

لطالما اشتكى المواطنون والمقيمون من الاختناقات المرورية وزحمة السير التي باتت سمة بارزة من سمات الطرق في دولة قطر التي يخضع الكثير من شوارعها لإعادة التأهيل، وإزالة أو إغلاق البعض الآخر بسبب أعمال كبيرة للبنية التحتية والتوسعات والإنشاءات التي جعلت الدوحة ورشة عمل دائمة، الأمر الذي دفع بإدارة المرور إلى اتخاذ جملة من القرارات بدأت بمنع رخصة السواقة على أصحاب العديد من المهن التي رأت الإدارة أن منحها لهم يزيد من زحمة السير فيما لو امتلك كل واحد منهم سيارة، ومواصلة لجهودها ومساعيها إلى التقليل من مسببات زحمة السير قررت إدارة المرور مؤخرا منع استبدال رخص القيادة الخليجية لغير الخليجيين، كما قررت وقف استبدال رخص القيادة الصادرة من بعض البلدان، إلا بعد قيام حاملي تلك الرخص بالتدرب لنصف دورة قيادة في مدارس السواقة القطرية وإجراء الامتحان المعروف.

بينما رأى بعض المستطلعة آراؤهم أن حصر أسباب زحمة السير في حصول شرائح من الوافدين على رخص القيادة يعد رؤية محدودة لأزمة كبيرة، وأن الدعوة إلى إيقافها بشكل نهائي عن غير المواطنين يضر باقتصاد البلد الذي هو مصلحة عامة يجب أن تبقى فوق رغبات الجميع، مشيرين إلى أن الوافدين يساهمون في إنعاش قطاع السيارات الذي يعتبر أحد القطاعات الاقتصادية الهامة، معددين نتائج حصول الوافد على السيارة بدءا من شرائها من شركة وطنية، واقتراض ثمنها من بنك وطني، وتأمينها لدى شركات وطنية، ناهيك عن رسوم أوراق السيارة، وحثَّ هؤلاء الجميع على التحلي بالصبر حتى تنتهي مشاريع البنية التحتية، خصوصا مشروع المترو الذي سيوفر بديلا حقيقيا يتيح خدمة راقية وسيدفع العديد من المواطنين والمقيمين إلى استخدامه عوضا عن سياراتهم بمحض إرادتهم.

وأرجع البعض أسباب زحمة السير إلى ضعف المواصلات العامة ومحدودية مساراتها، وارتفاع أسعار سيارات الأجرة التي باتت تنافس سيارات الليموزين في أسعارها، مطالبين بتطوير هذا القطاع حتى يوفر بديلا إضافيا ريثما ينتهي مشروع المترو، وحثوا إدارة المرور على إلزام الشركات الكبرى والمجمعات التجارية بتوفير وسائل نقل جماعي للعاملين بها ومنعم من استخدام سياراتهم الخاصة من وإلى مقر عملهم، مشيرين إلى أن العديد من هؤلاء يساهمون في زحمة السير وحجز عشرات مواقف السيارات المخصصة للجمهور بشكل دائم.

قرار صائب

في البداية يقول محمد إبراهيم: إن هذه القرارات التي تنوي إدارة المرور تطبيقها تعتبر قرارات صائبة ومفيدة للجميع، بعد فوضى استبدال رخص القيادة التي زادت من عدد المركبات على شوارع المدن القطرية، كما زادت من وتيرة الحوادث نتيجة لعدم أهلية حامليها لقيادة السيارات بشكل احترافي، الأمر الذي يؤكد أن أصحابها يحصلون عليها بطرق خاصة في بلدانهم، وهو ما انتبهت له إدارة المرور مشكورة، وأضاف: لا أحد ينكر وضعية السير على شوارع الدوحة منذ سنوات، فنحن بتنا نصارع من أجل الوصول إلى أعمالنا ومصالحنا بسبب كمية السيارات التي فاقت كل الحدود، وباتت وضعية الطرق عندنا في وقت ذروة في جميع الأوقات وفي معظم الأيام، وهذا بلا شك ناتج عن خلل ما يبدو أن إدارة المرور قد فهمته الآن مشكورة، فكم مرة تناولت وسائل الإعلام المختلفة وضعية حركة المرور على شوارعنا، وكم مرة سمعنا مواطنين ومقيمين يشتكون من زحمة السير التي باتت لا تطاق؛ لذا في اعتقادي أن إدارة المرور قد وضعت بهذا القرار الإصبع على الجرح، وننتظر منها خطوات إضافية تقلل من حجم حركة السيارات على الشوارع التي تئن تحت وطأة زحمة سير لم تعد خافية على أحد، فمشاريع البنية التحتية تسير على قدم وساق، وإعادة تأهيل شوارع الدوحة منطلقة هي الأخرى، بحيث لا يكاد شارع رئيسي يخلو من تعديلات أو صيانة، بالتالي نحن نحتاج إلى التقليل من أعداد السيارات بأي طريقة، على الأقل في هذه السنوات، حتى تنتهي مشاريع البنية التحتية، عندها تصبح الشوارع قادرة على استيعاب أعداد السيارات مهما كانت.

ولفت إلى أن شركات القطاع الخاص تساهم في خلق زحمة السير وزيادة أعداد المركبات نظرا لامتلاك معظم عمالها لسيارات يحاول كل واحد منهم الذهاب إلى عمله بسيارته الخاصة، رغم تأمين العديد من هذه الشركات لوسائل نقل جماعية لعمالها، فالزائر للمجمعات التجارية يلاحظ أن عددا كبيرا من مواقف السيارات التابعة لها محجوزة بشكل يومي للعاملين في المجمع الذين يأتون قبل الجميع ويقومون بركن سياراتهم في المواقف الخاصة بالجمهور، في الوقت الذي كان بإمكان هذا المجمع أو ذاك نقل عماله بباصات توصل العاملين إلى المجمع ثم تعود من حيث أتت، لكن الواقع مغاير تماما؛ حيث توجد مجمعات تجارية كبيرة تضم العشرات من العاملين، ولو استخدم كل واحد منهم سيارته في تنقله من وإلى المجمع فسوف تكون هناك عشرات السيارات التي تساهم في زيادة زحمة السير، والاستحواذ على العديد من المواقف المخصصة للجمهور، وأعود وأكرر أن هذه المشكلة يمكن تلافيها بالطرق التالية:

1- الصرامة في تطبيق قانون منع الحصول على رخص القيادة بالنسبة للفئات التي حددت في القانون السابق.

2- إلزام الشركات في القطاعين العام والخاص بنقل موظفيها إلى أماكن عملهم بباصات توصلهم وتعود إلى مواقفها.

3- إلزام هذه الشركات بإنشاء نقاط تجمع لموظفيها بحيث يسهل على الباصات نقلهم دفعة واحدة.
4- التشدد في منح رخصة القيادة، والتدقيق في وظيفة المتقدم لها لمعرفة ما إذا كان يحتاجها أم لا، فهناك المئات من ملاك السيارات الذين يمارسون مهنة التاكسي العشوائي، نتيجة لعدم إيجاد وظائف لهم، بل إن هؤلاء لديهم إقامات حصلوا عليها بطرق عدة، ووظيفتهم هي توظيف سياراتهم في عمل سيارات الأجرة، لكن بشكل غير مشروع، فهذه الأمور يبدو أنها عصية على الحل، ونأمل من إدارة المرور متابعتها حتى يتم التغلب عليها.

ضعف النقل الجماعي

من جهته رحّب خالد القحطاني بقرار إدارة المرور المنظم لاستبدال الرخص الخليجية، مشيراً إلى أن غياب وسائل النقل الجماعي هو السبب في محاولة كل من يعمل في قطر على شراء سيارة، فباصات النقل الجماعي لم ترق إلى المستوى الذي يساهم في التقليل من سير المركبات العادية، نظرا لقلتها وزيادة السكان من جهة، والأهم من كل هذا هو قلة محطاتها ومحدودية مساراتها، فهذه الباصات لديها محطة رئيسية واحدة في قلب الدوحة وفي مكان يعتبر الأكثر زحاما، والعديد من مستخدميها يشكون من أن الواحد منهم يجبره مسار الباص على قطع كيلومترات إضافية عندما ينزله الباص في المحطة الرئيسية، ناهيك عن وضعية إشارات توقف هذه الباصات التي لا تقي من حر ولا من برد ولا من مطر أثناء انتظار الباص الذي ينتظره البعض ساعة كاملة في بعض المناطق، وفوق كل هذا هو ارتفاع أسعار سيارات تاكسي كروة التي يكلف أبسط مشوار فيها ما يقارب الـ100 ريال، مع محدوديتها ومزاجية السائقين الذين يمرون على الزبون ويشير عليهم دون أن يتوقفوا.

وأكد أن كل هذه العوامل مجتمعة هي التي تدفع بكل موظف مهما كان دخله إلى الرغبة في شراء سيارة تمكّنه من التنقل بيسر من وإلى عمله، وإلى الأسواق وبقية وجهاته المختلفة، وعلى هذا الأساس لا بد من تطوير وضعية النقل العام وزيادة مساراته ومحطاته الرئيسية وإعادة النظر في أسعار سيارات الأجرة التي باتت لا تختلف عن أسعار سيارات الليموزين، فهذه الإجراءات قد تقنع العديد من الراغبين في امتلاك سيارات بالعدول عن فكرة امتلاك سيارة، لكن هذا لا يمنع من الإشادة بقرار إدارة المرور المنظم لاستبدال الرخص الخليجية لغير الخليجيين واستبدال رخص صادرة من دول أخرى لا ندري كيف حصل عليها أصحابها، فإدارة المرور معها كل الحق في هذه الإجراءات التي نرى نتائجها الإيجابية يوميا، وأستطيع التأكيد على أن العديد من حاملي رخص القيادة الصادرة من بعض البلدان غير مؤهلين لقيادة السيارات، وهذا ما نلاحظه على شوارعنا، والحوادث الكثيرة التي تقع عليها بسبب هؤلاء الذين لا يحسنون القيادة، ومع ذلك يحمل كل واحد منهم رخصة قيادة صادرة من الجهات الرسمية في بلده؛ ما يؤكد أن معايير منح رخص السياقة تختلف من بلد إلى آخر، ونحن نريد من إدارة المرور أن تتثبت من قدرة حاملي هذه الرخص على ممارسة قيادة السيارات، وأعتقد أن إدارة المرور وفقت في إلزامهم بالخضوع لنصف دورة والخضوع لامتحان رخصة القيادة في مدارسنا التي نثق بها.

المصالح متشابكة

أما فهد الدوسري فيرى أن دعوة البعض إلى الحد من منح رخص القيادة والتقليل من فرص الوافدين على امتلاك السيارات أنها دعوة من أناس ينظرون إلى مصالحهم الخاصة وليس المصلحة الوطنية العامة، فهؤلاء الناس يساهمون في إنعاش قطاع السيارات الذي يعتبر من أهم القطاعات الاقتصادية في البلد، فالتقليل من أعداد السيارات سيضر بشركات السيارات التي هي جزء من اقتصاد الوطن، ويعمل بها آلاف الموظفين من المواطنين والمقيمين؛ لذا علينا ألا نبالغ في هذا الموضوع، صحيح أن زحمة السير قد شهدت في السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة، لكن هذه الزيادة طبيعية نتيجة لزيادة أعداد السكان، فالبلد اليوم يعتبر ورشة عمل تتطلب استقدام عشرات العمال يوميا، وما دمنا متفقين على أن مشاريع البنية التحتية منطلقة وستنتهي خلال سنوات، فعلينا تحمل تبعات ذلك، دون إرجاع كل المصائب إلى الوافدين، فالوافد عندما يشتري سيارة فهو يساهم في إنعاش الاقتصاد، لأن السيارة اشتراها من شركة وطنية، وقد يكون اقترض ثمنها من بنك وطني، ويدفع تأمينها إلى شركة وطنية، ويدفع رسوم أوراق السيارة إلى إدارة المرور التابعة لإحدى وزاراتنا الوطنية، فهذه النظرة غائبة عن العديد من المواطنين للأسف الذين يريدون أن يعيشوا عالمهم المثالي الخاص، ويرغب الواحد منهم أن يجد من يفسح له الطريق كي يمر بالسرعة التي يرغبها هو، بغض النظر عما إذا كان ذلك يضر بمصلحة الوطن أم لا، من هنا أقول: إن إدارة المرور هي إدارة محترفة، وتعرف عملها بشكل جيد، وهي وحدها من تستطيع تحديد المستحقين لحمل رخصة القيادة من غيرهم، لكن عليها ألا تغفل عن الجانب الاقتصادي لقراراتها التي نتمنى أن تكون مدروسة من كل النواحي وليس من ناحية التخفيف من زحمة السير فقط.
ونبه الدوسري على أن الدوحة لا تختلف عن مثيلاتها من عواصم الدول المكتظة بالسيارات، فهي عاصمة جاذبة للاستثمار وللعمالة الوافدة، وضريبة هذا هي زيادة أعداد السيارات وارتفاع نسبة زحمة السير، وهذا ما جعل حكومتنا الرشيدة تقوم بابتكار حلول خلاقة دون أن تشعر الوافد أنه مستهدف، فمشروع المترو سيوفر حلا رائعا لمشكلة السير، وسيدفع بالعديد من المواطنين والمقيمين إلى التنقل عن طريقه بمحض إرادتهم، وسيتركون سياراتهم في مواقفها عندما يريدون الذهاب إلى قلب العاصمة والأماكن الأكثر اكتظاظا، وهذا هو الحل الذي ينصف الجميع، لكن قبل أن يدخل المترو إلى الخدمة لا يمكن أن نقول للوافدين المشاركين في تطوير البنية التحتية عليكم ألا تمتلكوا سيارات، فنحن لسنا مستعدين لتحمل نتائج ما تقومون به.

وكانت بعض وسائل الإعلام والمنتديات قد أشارت إلى أن إدارة شؤون التراخيص بالإدارة العامة للمرور أصدرت تعميماً لجميع رؤساء الأقسام وضباط الفروع بالإدارة بمنع استبدال الرخص الخليجية لغير الخليجيين مع استمرارية استبدالها لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي فقط.

كما قررت الإدارة إيقاف منع فرص اختبار السواقة مباشرة للرخص الصادرة من عدد من البلدان هي: مصر وموريتانيا والصومال والسودان وباكستان وبنجلاديش وإندونيسيا والصين والهند وغانا وإرتريا وسريلانكا والفلبين وكينيا ونيجيريا وكوريا الشمالية وإثيوبيا ونيبال مع منحهم إمكانية الالتحاق بنصف دورة بموجب رخص تلك البلدان.