

دعا المتحدثون في ندوة «حتمية ربط رؤى المؤسسات الأكاديمية العاملة في مجال الإعاقة، باحتياجات سوق العمل» التي نظمها برنامج لكل ربيع زهرة ضمن خيمته الخضراء الرمضانية، إلى ضرورة تطوير المؤسسات الأكاديمية والتدريبية والمهنية ومؤسسات القطاع الخاص، لتكون قادرة على تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة، وخاصة أن هناك عقبات تحول دون اندماج الأشخاص ذوي الإعاقة تتمثل في ضعف البنية التحتية الواجب تيسيرها، من وسائل المواصلات والاتصالات، الأجهزة والتقنيات المساعدة، والفجوات في تقديم الخدمات، والتحيز التمييزي والوصم.
وناقشت الندوة التي شارك فيها نخبة من الخبراء والباحثين العاملين في مجال الإعاقة من داخل وخارج قطر، عدة محاور منها الاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة ومدى التزام دول العالم العربي بها، وقدرة المخرجات الأكاديمية والتدريب لمؤسسات ذوي الإعاقة على توفير احتياجات سوق العمل، إلى جانب اسهامات التكنولوجيا الحديثة في تيسير الالتحاق بسوق العمل، ومدى توافر البنية التحتية الميسرة لذوي الإعاقة لدمجهم في المجتمع.
أدار الندوة الدكتور سيف بن علي الحجري، رئيس برنامج الخيمة الخضراء، وشارك خبراء ومسؤولون في التربية الخاصة والتأهيل والتدريب لذوي الاقامة من بينهم الدكتورة هلا السعيد والدكتور موسى شرف الدين والدكتورة عبير جفال، وعبد الله ابراهيم الملا، والدكتور طارق العيسوي وطالب عفيفة ومحمد وحيد.
صورة نمطية
وأكد المشاركون أن هناك صورة نمطية نحو الأشخاص ذوي الاعاقة في المجتمع، بأنهم أشخاص بحاجة للمساعدة والعطف والشفقة، مشددين على ضرورة تذليل الصعاب أمام هذه الفئة الهامة، والعمل على تمكينهم ودمجهم في المجتمع بشكل أكبر، وذلك من خلال تعزيز ثقافة تكافؤ الفرص والإيمان بقدراتهم.
وشددوا على أهمية برامج التكنولوجيا المساعدة باعتبارها أدوات قيمة تحسن حياة ذوي الإعاقة بشكل كبير وتساعدهم على عيش حياة مستقلة وتضمن لهم مشاركة فعالة في المجتمع، لافتين إلى أهمية التعليم والتدريب وإتاحة فرص العمل للخريجين من الطلاب والأفراد ذوي الإعاقة، من خلال تعزيز الدعم التعليمي والمهني لسد الفجوة بين الطلاب ذوي الإعاقات المختلفة وسوق العمل، وبيان أهمية المؤسسات الأكاديمية في تمكين الأفراد ذوي الإعاقة لتلبية احتياجات سوق العمل من خلال عمل برامج تعليمية مصممة خصيصًا، والتركيز على التدريب المهني والممارسات الشاملة
.منجزات هامة
وتطرق المشاركون إلى الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، باعتبارها إحدى المنجزات الهامة التي تؤكد على حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتعزز التزام الدول بحمايتهم وتمكينهم، مشيرين إلى أن عدم التزام بعض دول العالم العربي بتطبيق هذه الاتفاقية غالبا ما يرجع لعدة أسباب، من أهمها عدم توفر الميزانيات وعدم الثقة في قدرات الأشخاص ذوي الإعاقة، فضلا عن شيوع مفاهيم الشفقة وغياب التشريعات الوطنية الملزمة، إلى جانب ندرة الكوادر المتخصصة، إذ تؤكد الاتفاقية على حق الأشخاص ذوي الإعاقة في الاعتراف بهم كأشخاص أمام القانون، وتكفل لهم الحرية الشخصية والأمن الشخصي، كما تحض على توفير سبل اللجوء للقضاء على قدم المساواة، وضمان عدم تعرضهم للإهمال أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
وأوصى المشاركون بوضع سياسات وبرامج لضمان التأهيل المناسب للأشخاص ذوي الإعاقة، ونشر الوعي بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتشجيع المجتمع على احترام هذه الحقوق، وتوفير الخدمات الضرورية للأشخاص ذوي الإعاقة، مثل الرعاية الصحية والتعليم والتأهيل، إلى جانب توفير الحماية والدعم اللازمين للأشخاص ذوي الإعاقة، وضمان حقوقهم وتمكينهم من المشاركة الكاملة في المجتمع، وتوفير البنية التحتية الميسرة لذوي الإعاقة، الذي يعد تمكينًا أساسيًا لدمجهم في المجتمع.
من جانبها أكدت الدكتورة هلا السعيد أن دولة قطر أولت اهتماماً برعاية ذوي الإعاقة من خلال الانضمام إلى الاتفاقيات في هذا المجال، ومنحت ذوي الاعاقة شهادات وبطاقات خاصة لتسهيل حصولهم على حقوقهم المنصوص عليها في القانون، مشيرة إلى أنه يدل على مدى اهتمام قطر بتطبيق مواد الاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الاعاقة الصادرة عام 2006 وصدقت عليها جميع الدول، وقطر كانت من اولى الدول التي صدقت عليها وبدأ نفاذ العمل بها عام 2008 التي تنادي بشمولية حقوقهم في جميع بنود الاستراتيجية الوطنية القطرية.
توصيات
وطرحت الدكتورة هلا السعيد عددا من التوصيات لتحقيق الدمج والتمكين لذوي الإعاقة، وقالت: ومن اهم التوصيات تغيير الصورة المغلوطة عن الاشخاص ذوي الاعاقة بأنهم فئه ضعيفة الانتاج، حيث اثبتوا كفاءتهم حين أتيحت لهم الفرصة، وتوفير الدعم المالي والمساعدات للأشخاص ذوي الاعاقة وعائلاتهم، وتطوير القوانين واللوائح التي تحمي حقوق الاشخاص ذوي الإعاقة وتضمن حقوقهم في التعليم والعمل والرعاية الصحية والإسكان وغيرها.
ودعت إلى توفير التربية والتثقيف حول الاعاقة والعمل على تعزيز الوعي العام والبعد عن العطف والشفقة مع الاشخاص ذوي الإعاقة، وتوفير الخدمات الصحية والاجتماعية التي تتوافق مع الاحتياجات الخاصة للأشخاص ذوي الإعاقة، وتحسين البنية التحتية والوسائل اللازمة للنقل والتسهيلات الأخرى التي يحتاجها الاشخاص ذوي الإعاقة لتحسين حركتهم، وتشجيع توظيف الاشخاص ذوي الاعاقة وتعزيز تكريس مبدأ تكافؤ الفرص لجميع الأفراد.
دعم ورعاية
كما أكدت أهمية توفير التدريب والتأهيل اللازم للأشخاص ذوي الإعاقة لتمكينهم من الحصول على عمل أو المشاركة بفاعلية في المجتمع، وتقديم الدعم والرعاية للأشخاص ذوي الاعاقة الذين يحتاجون إلى رعاية متخصصة أو علاج أو تدخلات خاصة، وانشاء مراكز تعليمية وتأهيلية ومرافق رعاية ذوي الاعاقة على مستوى عال من التجهيزات تراعي الشروط والمعايير وذلك لتحسين جودة الحياة لهم، وتسخير أحدث التقنيات الرقمية لتحسين حياة الأشخاص ذوي الإعاقة، وتوفير منتجات وخدمات تصبح ملائمة لاستخدام الأشخاص ذوي الإعاقة.
بدوره تحدث الدكتور طارق العسيوي، عن توفير بنية تحتية ملائمة للأشخاص ذوي الإعاقة، والذي يلعب دورًا حيويًا في تحقيق المساواة، والمشاركة الكاملة لهم في كافة الأنشطة والفعاليات الاجتماعية، مشيرا إلى أن البنية التحتية تسهم في وصولهم إلى الخدمات الأساسية، وتشجعهم على العمل والاندماج المهني، كما تسهم في توفير موارد تثقيفية وتوعوية للمجتمع حول قضايا الإعاقة، خاصة وإنها تساعد على تطبيق التشريعات والسياسات المتعلقة بذوي الإعاقة. واستعرض البنية التحتية والتصميم الشامل للمباني والمرافق العامة في دولة قطر، وكذلك في الاستادات وملاعب كرة القدم، مما يدل على اهتمام الدولة الكبير بذوي الإعاقة.
من جانبه نوه عبد الله إبراهيم الملا، إلى أن ذوي الإعاقة السمعية تواجههم صعوبة عدم وجود لغة مشتركة في التواصل، وتبدأ هذه الإشكالية من مرحلة المدرسة، ثم يكبر دون التواصل مما يؤدي إلى ضعف الشهادة التي يحصل عليها، مؤكدا انهم بحاجة إلى وجود كادر تعليمي متخصص قادر على توصيل المعلومة بالشكل المناسب، وخاصة من ذوي الإعاقة السمعية، مشيرا إلى انه عضو في لجنة توظيف ذوي الإعاقة، ودائما ما يبحثون ويسعون إلى توظيف ذوي الإعاقة في الشركات والوزارات والهيئات، إلا إنه قد تواجههم أحيانا ضعف السيرة الذاتية لذوي الإعاقة، ولذلك يحاولون تأهيله وإعطاءه دورات وورش عمل مجانية.