

سلّطت مؤسسة قطر والوفد الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة في نيويورك، الضوء، على أهمية توفير الرعاية الصحية الدقيقة للجميع حول العالم، وذلك في جلسة نقاشية نظّمتها قطر على هامش الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة. وخلال الجلسة التي عُقدت بعنوان: «الرعاية الصحية الدقيقة للجميع، دور الشراكات الدولية» استعرضت دولة قطر الجهود الوطنية وتطلعاتها في مجال الرعاية الصحية الدقيقة أمام مجموعة دولية من العلماء، والأكاديميين، والخبراء في صنع السياسات.
وقالت سعادة الدكتورة حنان محمد الكواري، وزيرة الصحة العامة: «كجزء من رؤية قطر الوطنية (2030)، نُنفذ استراتيجية لإعادة تركيز الرعاية الصحية نحو تقديم الصحة الدقيقة، وتعد برامج التسلسل الجيني والفحص الجيني حالياً جزءًا لا يتجزأ من جدول أعمالنا البحثي ونظام الرعاية الصحية لدينا. إن البنية التحتية التي أسّـسـناها في هذا المجال يستفيد منها باحثون من داخل دولة قطر وخارجها لاكتشاف جينات جديدة والكشف عن آليات جديدة للأمراض، مما يمهد الطريق لتطوير علمي الأحياء والطب، واكتشاف علاجات جديدة.»
وأضافت سعادتها في كلمتها في افتتاح الجلسة النقاشية «الطب الدقيق للجميع: أهمية التعاون الدولي» التي نظمتها مؤسسة قطر الوفد الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة في نيويورك: «قام معهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة برسم خريطة للجينوم القطري والعربي الأوسع، وتحديد المتغيرات الفريدة، ذات الصلة بسبب المرض وعلم الصيدلة الجيني، ويتم حفظ العينات الحيوية في بنك حيوي. ويجري حالياً تطبيق هذه البيانات في تقديم خدمات الرعاية الصحية الدقيقة في دولة قطر. كما يساهم دمج تسلسل الجينوم الكامل وتقنيات أوميكس الأخرى في برنامج فحص حديثي الولادة بسدرة للطب في التشخيص المبكر للأمراض النادرة.»
وقالت سعادتها: «ندرك القدر الكبير من الصحة والرفاهية والإمكانات الاقتصادية لتحويل تركيزنا من علاج الأمراض إلى الوقاية منها، ويتطلب تحقيق هذا التحول شراكات عالمية قوية، لتعزيز نتائج الرعاية الصحية وجعل الرعاية الوقائية ركيزة أساسية للممارسة الطبية في جميع أنحاء العالم.»
ودعت سعادة وزيرة الصحة العامة العلماء والمختصين وقادة الفكر والخبراء للتعاون في تحقيق الإمكانات الكاملة لـلصحة الدقيقة في دولة قطر وخارجها.
حضر الجلسة التي أدارها البروفيسور هلال الأَشْوَل، مستشار البحوث والتطوير والابتكار لرئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر والمدير التنفيذي للبحوث والتطوير والابتكار، أكثر من مائة شخص.
وشدّد البروفيسور الأَشْوَل على أهمية توسيع نطاق الدراسات الجينية، مُشيرًا إلى أن أكثر من 80 بالمائة من البيانات الجينية المستخدمة في تطوير الأدوية والبحوث تستند الى الأفراد الذين يتحدّرون من أصول أوروبية، وهو ما يعني أن الغالبية العظمى من سكّان دول العالم لا سيّما سكّان منطقة شمال افريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية لا تزال الأقل تمثيلًا في الدراسات الجينومية.
وقال البروفيسور هلال الأَشْوَل: «هذا ما يحدُّ من قدرتنا على فهم التنوع الجيني وتأثيره على الصحة والمرض في مجموعات أخرى، حيث إن غياب تمثيل أغلبية سكّان العالم في الدراسات الجينومية سيؤثر على توفير الرعاية الصحية الدقيقة لهم في المستقبل».
وأضاف: «إنّ تطوير وسائل التشخيص والعلاج استنادًا إلى مجموعة سكانية واحدة أو سلالة واحدة فقط، يُهدد ضمان حصول الجميع على الرعاية الصحية الدقيقة، ويُرسخ التفاوت في توفير الرعاية الصحية ويؤدي إلى إهمال شريحة كبيرة من السكّان».
كما أشار البروفيسور الأَشْوَل إلى أنّه لا يمكن معالجة مشكلة التفاوت في توفير الرعاية الصحية الدقيقة للجميع بمجرد جمع عينات من مجموعات سكانية مختلفة كما يحصل اليوم، وقال: «إنّ ضمان توفير الرعاية الصحية الدقيقة للجميع من خلال عِلم الجينوم والعلاجات الجينية يتطلب أكثر من مجرد مجموعة من البيانات المتنوعة، بل يتطلب أسلوب ممنهج لتذليل العواقب التي تحول دون المشاركة البحثية، وضمان توفير الرعاية الصحية، والتقدّم التكنولوجي، ودمج علم الجينوم في أنظمة الرعاية الصحية».
وتابع: «يتطلب تحقيق ذلك أخذ مختلف وجهات النظر في الاعتبار، حيث انها لا تقلّ أهمية عن تنوع البيانات والعمل على بناء مستقبل لا نُوفر فيه الحماية لرعاية صحية قادرة على تلبية الاحتياجات الشخصية والتطلعات الفردية فحسب، بل رعاية صحية دقيقة شاملة».
مصدر قوة
من جهته، تحدّث الدكتور خالد مشاقة العميد المشارك الأول للبحوث والابتكارات والتداول التجاري في وايل كورنيل للطب – قطر، إحدى الجامعات الشريكة لمؤسسة قطر، عن أهمية إسهام كافة الدول في تعزيز الرعاية الصحية الدقيقة، مُشيرًا إلى أنه وإن اختلفت القدرات بين الدول في تحديد التسلسل الجيني إلا أنّ البيانات تُشكل مصدر قوّة وممكنا أن تقلص الفجوة بين الدول الأكثر تقدمًا والأقل نموًا من حيث توفير الرعاية الصحية الدقيقة.
وقال الدكتور خالد مشاقة: «يُشكّل سكّان الشرق الأوسط والهند وافريقيا مُجتمعين ثُلث إجمالي سكّان العالم وهذه بيانات قوية للغاية، حيث تقوم شركات الأدوية الكبرى اليوم بالاستحواذ على الشركات الصغيرة ليس من أجل التكنولوجيا التي تمتلكها فحسب، ولكن من أجل البيانات التي تمتلكها».
أضاف: «إذا كانت هذه الدول على استعداد لتوحيد جهودها من خلال مشاركة بياناتها، فإنّ ذلك سيُشكّل موردًا مهمًا للغاية، وسيُحدث تغيرًا في المسارات البحثية، وسيضع المنطقة في موقع القوة، وهنا ستكون للشراكات دورًا حاسمًا».
منظومة مكتملة
بدورها، قالت آن أيرتس، رئيسة مؤسسة نوفارتيس، التي حضرت الجلسة:» إنّ مقياس النجاح الحقيقي للجهود المبذولة في مجال الرعاية الصحية هو سهولة الوصول إليها من قبل جميع الناس بغض النظر عن ظروفهم المادية أو أماكن تواجدهم».
وأضافت آن أيرتس: «لقد تمكّنت مؤسسة قطر من دعم الجهود الوطنية والقيام بعمل استثنائي عبر إنشاء منظومة للرعاية الصحية الدقيقة متكاملة الأركان في فترة زمنية قصيرة، والأهم من ذلك أنهم لم يتوقفوا عند هذا الإنجاز، بل يتطلعون إلى نقل الدروس المستفادة من هذه التجربة وخبراتهم إلى بلدان أخرى وخاصة للبلدان الأقل نموًا».
وتابعت: «هذا دليل قوي على التزامهم بالمساواة في الرعاية الصحية ونحن نتطلع بشدة إلى الشراكة معهم في المستقبل القريب لجعل الرعاية الصحية الدقيقة أكثر شمولية وعدالة».
جلسة حوارية
بالإضافة إلى هذه الجلسة، عقدت مؤسسة قطر جلسة في الجمعية العامة للأمم المتحدة تناولت موضوع:»الحوار العابر للحدود من أجل التغيرات التي تحدث في المحيط: دبلوماسية العلوم ومستقبل المنطقة البحرية في المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية»، وقد ناقش فيها الخبراء مستقبل المنطقة البحرية للمنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية، وهو البحر الأكثر سخونة والأكثر تأثرًا بالنشاط البشري في العالم، واستكشفوا فرص التعاون عبر الحدود ودور الدبلوماسية العلمية للحفاظ على الأنظمة البيئية الفريدة، كما تحدث المشاركون أيضًا عن مصير النقاط الساخنة للتنوع البيولوجي، بالإضافة إلى الطاقة والبنية التحتية البحرية.